الخميس 19 ديسمبر 2024

حكاية بقلم ندى محمود

انت في الصفحة 197 من 202 صفحات

موقع أيام نيوز


وغامضة فتنهدت بعمق والتصقت به لتهمس أمام وجهه مباشرة 
أنت عارف كويس إني مسحت الماضي من حياتي وآدم مكانته عندي حاليا كأخ ليا مش اكتر من كدا 
سكتت للوهلة ثم تابعت بعينان تلمع بوميض زاهي يظهر بداخله الامتنان والعشق لكل ذرة حب لا تنطفأ بداخلها 
أنا عرفت معنى الحب الحقيقي معاك أنت ياهشام أنت حبي الأول والأخير 

غلبته رغبته وعقله الذي ېصرخ به أن يصنع من تلك اللحظات ذكرى لا تمحى ولا إراديا انحرفت نظراته لتستقر فوق شفتيها فدنى منها يسرق معها لحظات ستوثق
للأبد بذاك
كانت الصغيرة تجوب الغرفة إيابا وذهابا وسط همهماتها الطفولية الغير مسموعة وهي تدندن بفرحة فاليوم هو يوم عودة جدها من المستشفى بعد
غياب ثلاث أيام عن المنزل لم تكن فرحتها فقط بعودة جدها بل أيضا أبيها الذي لم تراه طوال الثلاث أيام سوى مرة واحدة 
بينما هي منشغلة بالتفكير في طريقة تستقبل بها جدها المړيض اقټحمت أمها الغرفة وهي تقول لها باسمة 
يلا ياهنا البسي عشان جدو زمانه على وصول 
انتصبت واقفة وقالت بلهفة 
بابي معاه 
أماءت لها جلنار بالإيجاب وتقدمت نحو خزانتها الصغيرة تخرج لها ثوب طفولي قصير من اللون الأحمر ثم التفتت لها وتمتمت 
يلا ياهنون عشان تلبسي إيه رأيك في الفستان ده 
هنا بحماس وعينان لامعة 
حلو أوي 
اقتربت جلنار وچثت على قدميها أمامها ثم بدأت في مساعدة ابنتها بتبديل ملابسها والصغيرة لا تتوقف عن الغناء بمرح فراحت جلنار تشاركها الغناء وهي تضحك ووسط اللحظات الحافلة بالأجواء الإيجابية الجميلة سألت هنا بنظرة فضولية 
مامي هو أنتي هتلبسي احمر زي 
ضيقت عيناها بتعجب وردت 
أنتي عايزاني البس أحمر ليه 
زمت هنا شفتيها وردت بكل هدوء طفولي جميل 
عشان إنتي زهرة حمراء ولازم تبقى لابسة أحمر زي الزهرة 
اندهشت من رد ابنتها فاستخوذ عليها السكون لبرهة من الوقت قبل أن تبتسم بحيرة وتسألها 
مين قالك إني زهرة حمراء ! 
ابتسمت وسرعان ما تحولت البسمة لضحكة وهي ترفع كفها الصغير تكتم على فمها وتقول برقة ساحرة 
بابي دائما بيقولك كدا وكمان بيقولك يارمانة والرمان لونه أحمر هو بابي بيقولك رمانة ليه يامامي اشمعنى الرمان ! 
انطلقت ضحكة جلنار العالية على سؤال صغيرتها العفوي واجابتها وهي تكمل مساعدتها في ارتداء ملابسها 
عشان اسمي جلنار هو اسم لزهرة حمراء وليها اسم تاني كمان اللي هو زهرة الرمان 
هنا بإشراقة وجه وعينان حماسية 
طيب وأنا معنى اسمى إيه 
احتضنت جلنار يدين ابنتها ودنت منها تلثم وجنتيها بحنان أمومي وتهمس بنبرة تنبع بالحب والدفء 
إنتي الفرحة والسعادة والسرور زي ما كنتي فرحتنا أنا وبابي وسعادتنا لما نورتي حياتنا وكنتي فرحة بابي الأولى 
ثم سكتت وتابعت بغمزة لعوب وهي تضحك بخفة 
عرفتي بقى هو بيقولك هنايا ليه ! 
أماءت الصغيرة بإيجاب وهي
تبتسم باتساع وسرعان ما ارتمت على جسد أمها تعانقها هاتفة 
أنا بحبك أوي إنتي وبابي يامامي 
واحنا كمان ياحبيبة قلبي بنحبك اكتر 
انتفضت بعيدا عن أمها فور سماعها لصوت باب المنزل وراحت تركض لخارج الغرفة وهي تصيح بفرحة غامرة 
بابي وجدو جم بابي وجدو جم 
استقامت جلنار واقفة وعدلت من ملابسها وكذلك شعرها ثم غادرت الغرفة بخطوات هادئة لكن في ثناياها ممتلئة بالشوق واللهفة لرؤية أبيها 
بالأسفل نزلت هنا آخر درجة من درجات الدرج ورأت جدها أمامها فركضت إليه بلهفة تصرخ جدو لينحنى نشأت لمستواها ويحملها فوق ذراعين لاثما وجنتيها بشوق هامسا 
وحشتيني ياحبيبة جدو 
هنا برقة 
وإنت كمان ياجدو وحشتني 
عاد يلثم وجهها من جديد فسألته هي باهتمام 
إنت بقيت كويس دلوقتي ياجدو 
ضحك بخفة ورد عليها وهو يلتقط كفها يرفعه لشفتيه ويلثمه برفق 
وهو حد يشوف الهنا ويفضل تعبان 
لاحت بسمتها الخجلة على وجهها ولم تدم طويلة حيث صدح صوت جلنار الناعم وهي تتقدم نحو أبيها هامسة 
حمدالله على السلامة يابابا 
انحنى وانزل حفيدته من فوق يديه ليبسط ذراعيه أمامه يستقبل بهم ابنته التي انضمت لحضنه مردفة بشوق 
وحشتني يابابا ونورت بيتك كله 
نشأت وهو يلثم شعر ابنته ويضمها لصدره بحنو 
البيت نور من وقت ما رجعتي ليا ياجلنار إنتي وهنا 
جلنار بحب نقي 
ربنا يخليك لينا يارب 
تعلقت الصغيرة بقدم جدها وأخذت تشد بنطاله
بشكل متكرر حتى ينتبه لها وتهتف في عبوس وعينان منطفئة 
بابي فين ياجدو 
نشأت ببسمة هادئة 
بابا راح يخلص شغل و جاي ياحبيبتي وهو قالي مش هيتأخر 
مطت شفتيها للأمام بحزن وقالت بعينان تلألأت بالدموع وتذمر 
هو قالي هيجي مع جدو أنا زعلانة منه 
أنهت عبارتها الطفولية الحزينة واندفعت للأعلى حيث غرفتها تنوي المكوث بها والانفراد
 

196  197  198 

انت في الصفحة 197 من 202 صفحات