الخميس 19 ديسمبر 2024

حكاية بقلم ندى محمود

انت في الصفحة 171 من 202 صفحات

موقع أيام نيوز


المبحوح والضعيف 
خمس دقايق بالكتير وهرجعلك استناني هنا
هز رأسه بالإيجار في ابتسامة لينة بينما فهي فابتعدت وسارت تجاه غرفتها حتى دخلت وأغلقت الباب تحرك آدم نحو تلك الأريكة الصغيرة نسبيا وجلس فوقها وبقى يحدق في اللاشيء أمامه بصمت حتى وقعت عيناه على صورة موضوعة داخل حافظ الصور الزجاجي فاستقام واقفا والتقطها يحدق بها بابتسامة ساحرة كانت الصورة تجمعها هي وسيدة متقدمة في العمر وأدرك أنها جدتها المړيضة كانوا أمام شاطيء البحر وهي ترتدي بنطال جينز ومن الأعلى كنزة بحاملات عريضة وتترك شعرها يتطاير حولها بفعل نسمات الهواء ويديها تلفهم حول رقبة جدتها تضمها منها إليها بشكل لطيف 

انتهت مهرة من تبديل ملابسها وخرجت من الغرفة تتجه نحو الحمام لتغسل وجهها كانت بحاجة لحمام دافيء وكامل لكنها لا تستطيع أخذه بوجوده معها بالمنزل هي أساسا جاءت شبه مجبرة
بعدما أصر عليها بأن تذهب للمنزل وتبدل ملابسها وتأكل وترتاح قليلا ثم تعود مرة أخرى للمستشفى ورفض تركها بمفردها بهذه الحالة المزرية فجاء معها حتى يطمئن 
تقدمت تجاهه بعدما خرجت من الحمام وابتسمت بأسى وعينان دامعة حين رأته يمسك بصورتها هي وجدتها 
دي تيتا ! 
الټفت برأسه لها وابتسم بحنو ثم غمغم في ثقة 
إن شاء الله هتقوم بالسلامة اطمنى 
اقتربت منه أكثر حتى وقفت بجواره تماما وتطلعت بالصورة التي بين يديه تهتف في مرارة وألم 
تفتكر ! 
آدم بجدية وحزم بسيط بعدما رأى عيناها تمتلأ بالدموع من جديد 
أنا متأكدة مش افتكر يا مهرة بعدين احنا مش اتفقنا هنمسك نفسنا ومفيش عياط تاني إنتي من شايفة عينك بقى شكلها إزاي من كتر العياط !! 
مهرة بضعف يراه بها لأول مرة منذ تعارفهم 
ڠصب عني يا آدم كل ما اتخيل إنها ممكن متفوقش منها مش بقدر استحمل أنا مليش غيرها 
بتلقائية مسك كفها كموع من بث الطمأنينة والقوة في نفسها 
هتفوق بإذن الله مټخافيش ولو محصلش أي تطور في حالتها الصحية لغاية بكرا الصبح هخليهم
ينقلوها مستشفى تاني خاصة عشان تكون تحت عناية واهتمام افضل 
رفعت أناملها الواهنة تجفف دموعها وتتطلعه بلمعة مشاعر مختلفة وابتسامة ممتنة هامسة 
متشكرة أوي بجد يا آدم أنا مش عارفة اشكرك إزاي على وقفتك جمبي 
ضغط على كفها متعمدا يبتسم بعبث بسيط ويغمغم في مداعبة جميلة 
أنا مش بعمل كدا عشان تشكريني ومكنتش هقدر اسيبك أصلا في الظروف دي الصراحة معرفش ليه بس أول ما عرفت إنك في المستشفى جيت فورا 
سارت باتجاه الباب هامسة في ابتسامة منطفئة 
مكنتش اعرف إني مهمة أوي كدا !! 
رفع يده يحك عنقه بتفكير ثم يسير خلفها متمتما بمداعبة لطيفة حتى يخرجها من مود الحزن قليلا 
لا مش اوي يعني ممكن تعتبريها جدعنة مني 
اكتفت بتلك الابتسامتها المنطفئة التي تظهر فوق ثغرها دون أن تجيب وفتحت الباب حتى يغادروا وفور خروجه أغلقت الباب جيدا ثم نزلوا واستقلت بالسيارة معه من جديد ليعود بها لجدتها ! 
بصباح اليوم التالي 
كانوا جميعهم حول طاولة الطعام أخيرا بعد غيابه لسنوات عنهم هاهو يعود ويشاركهم الطعام من جديد والحديث والضحك وكل شيء كما اعتادوا 
لكن منذ أن عاد بالأمس واستقبلته أمه وشقيقته بالسعادة والعناق والترحيب الحار وسط بكائهم وفرحتهم بعودته لهم إلا أنهم شعروا بأن به شيء غريب وكأنه شيء عكر مزاجه وانتشل البهجة من على وجهه 
والآن يجلس فوق مقعده يتناول الطعام بصمت بالواقع بل هو يعبث بصحنه دون أن يأكل مما أصاب أمه بالدهشة والقلق التي تبادلت النظرات مع ابنتها بحيرة ثم قالت تسأله باهتمام 
هشام ياحبيبي مش بتاكل ليه !! 
لم يرفع نظره عن الصحن إلا حين أجاب على سؤالها بسؤال آخر كان له أثره عليهم هم الاثنين 
خبيتي عليا ليه أنها اتخطبت يا ماما !
توقفت شقيقته عن مضغ الطعام الذي بفهمها وثبتت نظرها على أخيها بدهشة وقلق من ردة فعله بينما أمها فابتلعت ريقها بتوتر وغمغمت بخفوت 
محبتش ازود همك ياحبيبي احنا عارفين كويس إنت سافرت ليه أساسا فمكنش ليه داعي اقولك وازيد ۏجع قلبك 
هشام پغضب بسيط وصوت مرير 
أنا راجع عشانها كنت هسيب كل حاجة ورايا ومش ههتم بأي شيء وكنت ناوي اطلب أيدها وامبارح لما عديت عليهم وشوفتها شوفت الدبلة في أيدها فكرك كدا إني ارتحت بالعكس حسيت
بسكاكين في قلبي ياريتك قولتيلي قبل ما آجي
انفلعت أمه وصاحت پغضب وألم 
آه اقولك عشان تغير رأيك ومتجيش إذا كان إنت بنفسك بتقول رجعت عشانها مقولتلكش ياهشام وخبيت عنك ولو رجع بيا الزمن هعمل كدا تاني
ثم استقامت واقفة وهرولت مسرعة للداخل
بينما ألاء فاخذت تنقل نظرها بين أخيها وبين أثر أمها بالخلف التي اختفت داخل الغرفة وتلوى فمها بضيق
 

170  171  172 

انت في الصفحة 171 من 202 صفحات