حكاية وصيتي انك تتجوز بنتي
الغرف وحتى ساحة البيت ولكن لم تجده لتخرج من الباب وتجول محيط المكان بعيون غائمة وأنفاس متلاحقة وقلب يلتوي بين ضلوعها يقصد إيلامها كونها لم تستمع لصرخاته وعصته في سبيل عنادها لتقترب منها قمر متسائلة
ملجتهوش
نفت برأسها...لتخمن قمر
يمكن عاود صوح ده حتى عربيته مش موچودة
نفت برأسها ترفض تصديق الأمر ثم اخذت تعصر عقلها تفكر أين من الممكن أن تجده وإن أتت تلك الفكرة برأسها سألت قمر
ايوه امال بس هنعمل ايه هناك!
ممكن يكون عنده
وهنا تهكمت قمر كي تسبر أغوارها
ولو لجتيه هتعملي إيههتجبري بخاطره!
تأففت هي وراوغت بنفاذ صبر
لما ابقى الاقيه الأول ابقى افكر هعمل ايه يلا تعالي وصليني
تنهدت قمر وسايرتها ولكن بعدما جلبت لها أحد عبائتها المصحوبة بغطاء الرأس وجعلتها ترتديها وحين فعلت اصطحبتها إلى هناك وما أن وصلوا اخذت تجول محيط البيت بعيناها على أمل ان تجده ولكن بلا فائدة وحينها قالت قمر
اجابتها بفطنة وهي تدلك جبهتها تشعر بذلك الدوار اللعېن يداهمها
خالي الوقت ده اكيد في الأرض ومفيش حد هتلاقيه في البيت غير طنط هانم مراته واكيد يامن مش جوه في غياب خالي
ها صوح كيف فاتتني دي
تحاملت على ذاتها وزفرت العديد من انفاسها ثم تقدمت بضع خطوات لتصل للأرض الزراعية لعلها تجده وحقا كادت ټموت قهرا من حسرتها وتفقد الأمل لولآ صوته ذات النبرة المميزة الذي همس خلفها
اغمضت عيناها بأرتياح ونمت بسمة على ثغرها أخفتها سريعا وهي تحاول جاهدة أن تلزم ثباتها ولا تشعره بما يعتريها ثم استدارت لتتجمد بأرضها ويتلجم لسانها وهي تراه يقف أمامها بقفطان اسود حالك يضاهي بلونه لون شاربه الكثيف وذقنه التي جعلها تستطال تزين وجهه وتزيد من وسامة ملامحه الرجولية وتمنحه إطلالة طاغية لا تقاوم ورغم انها لاحظتها بالأمس إلا انها لم تنتبه لمدى جاذبيتها من شدة أنفعالها وكأن شيطانها لم يظهر لها سوى ڠضبها منه وذلك العتاب الذي كان يثقل قلبها.
كل ده تفكير ده شكل الحاجة اللي بتدوري عليها دي غالية أوي عندك وهتزعلي لو ضاعت
قالها بنبرة مبطنة وهو يمط فمه كي يغيظها حين رأها ساهمة تجول بعيناها على تقاسيمه بنظرات يعلمها جيدا ويعلم ما المغزى منها رغم عنادها التي استمرت عليه حين اجابته
اخيرا لاجتيه يا نادين
زفرت بارتياح وغيرت مجرى الحديث كي تتستر على لهفتها
لأ ملقتهوش شكله في الأرض
جعدت قمر حاجبيها بعدم فهم فمن تقصده هي يقف أمامهم ولكن الأخرى استأنفت كي توضح لها
حانت منه بسمة عابرة وهو يتفهم ما تحاول فعله وقال ساخرا وهو يشعلق حاجبيه ويضرب كف على آخر
ياه على سوء النية ده انا كنت فاكرك جاية تطمني عليا
اكتفت بالنفي برأسها وادعت أن أمره لا يعنيها بينما بداخلها كانت تشعر بالارتياح كونه مازال هنا وإن كادت ان تلتفت وتعود للمنزل كي ترى زوجة خالها كما أخبرته منعها بقوله
طب ابقي كلمي امي طمنيها علشان تلفوني فاصل ومعيش شاحن وبالمرة قوليلها انك مش راضية ترجعي معايا
ردت هى بعناد تصر عليه رغم صرخات قلبها التي تتوسل لاستسلامها
ايوة مش هرجع معاك يا يامن وعايز تمشي اتفضل محدش هيمنعك
مرر يده على وجهه يستدعي اخر ذرة صبر بداخله ثم أجابها بنبرة واثقة
مش همشي غير وانت معايا يا نادين ولو كنت أنت عنيدة أنا اعند منك واقدر اخدك بالعافية ومفيش حد هيقدر يمنعني فمتضطرنيش لكده
رفعت سبابتها بوجهه هادرة
محدش يقدر يجبرني على حاجة أنا مش عيزاها وحتي لو كنت انت
تمسك بسبابتها وانزلها ثم دثر يدها بين يده قائلا بنظرات دافئة افتقدتها منه
اقدر يا نادين وانت عارفة كده كويس وطولة بالي عليك دي علشان بحبك ومقدرش اعيش من غيرك
بعثرها كعادته وزعزع ثباتها فقد وهنت نظراتها ووخارت قواها وتمنت أن ترتمي بين يديه وتعبر عن اشتياقها لذلك الحصن الأمين الذي يشيده حولها ولكن لا سبيل من الجهاد ضد تمرد عقلها فقد لملمت شتاتها و نزعت يدها من بين يده ثم لوحت بها بلامبالاة قائلة قبل أن تفر هاربة من أمامه
بس أنا اقدر اعيش من غيرك ولأخر مرة بقولك مبقتش عيزاك ولا حتى طايقة أبص في وشك
خنجر مسمۏم انغرس بقلبه من إصرارها ورفضها له
ورغم معرفته أنها تعاند لا أكثر إلا ان کسى الحزن معالم وجهه وشعر أن قوة احتماله على وشك النفاذ ليزفر انفاسه دفعة واحدة وتظل نظراته معلقة على أثرها بملامح يائسة متهدلة إلى أن اتاه صوت قمر التي شهدت على عنادها وعقبت مواسية
هتكابر...وحياة ربنا بتعشجك بس لساتها واخدة على خاطرها منك متجلجش بكره تروج
حانت منه بسمة باهتة لم تمسس الحزن الذي يحتل عينه ثم قال كي يغير سير الحديث
عايزة تقولي ل حامد حاجة انا هروحله
هزت رأسها واخفت فمها بطرف شالها قائلة بحرج
ايوة بالله عليك جوله مينساش الجلاب إلا لادد علي جوي ونفسي ريحاله
تنهد هو وهز رأسه ثم غادر ليلحق بحامد وخالها لتقول قمر بتعاطف قبل ان تلحق بها
ربنا يحنن جلبها عليك يا حزين
تمت التحقيقات الأولية وقد اعترف سنقر عليها كونها هي من حرضته على قتل فاضل وقد أخبرهم بمكيدتها فكانت تأمره أن يقوم بسړقة القصر كي يظن رجال الشرطة أنه حاډث سړقة ولكن محمد الذي ادلى بشهادته ضدهم افسد الأمر على الأخير ومع ضغط رجال الشرطة على دعاء خرت بكل شيء وقصت عليهم كيف يسرت الأمر ومن ساعدها وبالفعل تم القبض على خادمتها ورجال سنقر الذين كانوا معه يومها.
وهاهو فاضل يجلس بمكتب أحد الضباط بعدما سمح له برؤيتها لتدخل هي بملامح شاحبة تخالف تلك الهيئة الزاهية المتباهية التي كانت عليها و يجر بها إحد الأمناء كالخرقة البالية التي لانفع منها وحين رأته تهللت اساريرها وارتمت عليه قائلة
فاضل انا كنت متأكده انك مش هتصدق أنا عارفة أنك بتحبني مش كده يا فاضل
ابعدها عنه قائلا
اخرسي خالص انت ليك عين تنكري عملتك السودة
نفت برأسها وچثت تحت قدمه تود تقبيلها قائلة
سامحني يا فاضل وانا هعيش خدامة تحت رجلك انا غلطت والطمع كان عاميني حقك عليا
رفسها بقدمه بعيدا عنه وقال بصحوة بعدما انقشعت غشاوة عينه
للأسف مبقاش ينفع الندم يا دعاء انا بحمد ربنا أنه كشفك على حقيقتك قبل ما كنت خسړت بنتي وخسړت نفسي
اسمعني يا فاضل انا...
حاولت الدفاع عن ذاتها في محاولة بائسة منها كي تستعطفه ولكن قاطعها هو
انت طالق...طالق...طالق يادعاء
صړخت هي بهستيرية واخذت تهز برأسها ليستأنف هو كي يزيدها عليها
انا رجعت كل اللي كتبته بأسمك ليا بالتوكيل العام اللي كنت عاملاه علشان اخلص بيه إجراءات البيوتي سنتر بتاعك
شهقت هي متفاجئة في حين هو رمقها مرة أخيرة بتشفي قائلا
اظن حقي ورجعلي يا دعاء هانم انا طول عمري عارف أنك طماعة وهدفك الأول والأخير الفلوس وعلشان كده رفضت اخلف منك... وبصراحة مكنش فارق معايا طمعك وكنت بعوضك بالفلوس وانا فاكر كده بملى عينك علشان متفكريش في فرق السن اللي بينا لكن عمري ما توقعت أن طمعك يخليك تحاولي تقتليني....يا خسارة يا دعاء أنت طلعت حقېرة وقليلة الأصل ده أنا لو كنت مربي حيوان كان هيحن عليا ويصون العشرة اكتر منك
قالها بتهكم قبل أن يغادر تاركها ټنفجر بالبكاء وتخور قدميها بها لتفترش الأرض صاړخة پقهر تنعي ما اوصلت ذاتها له بسبب أطماعها.
أما عنه فكان يجلس يسند جبهته على سطح مكتبه ينعي حاله كعادته حين هرول إليه أحد العاملين معه قائلا
حسن بيه في لجنة معاينة راحت الموقع واكتشفت أن المرحلة التانية مجهزش فيها حاجة وان مواد البناء زي ما هي وأن مدة تنفيذ العقد فاضلها كام يوم وتخلص والمستشار القانوني بتاعهم بلغني أنهم هيقاضوا حضرتك وهيطلبوك بالشرط الجزائي
حل رابطة عنقه وقال وهو يكوب رأسه بكفوف يده
ده اللي كنت خاېف منه يا صلاح
طب والعمل يا فندم احنا كده بنضيع والشركة پتنهار ده حتى المشاريع البسيطة أصحابها سحبوها والعمال معظمهم امتنعوا عن العمل علشان خاطر أجورهم المتأخرة والباقي منهم قدم استقالته وساب الشركة
مرر يده بين خصلاته الفحمية وقال بقلة حيلة
مش عارف أعمل إيه شقى عمري كله بيضيع قصاد عيني ده غير إني ممكن اتحبس كمان
حضرتك لازم تتصرف يا فندم
هز حسن رأسه بضيق شديد واخذ يفكر بشكل جدي بطريقة مجدية لحل أزمته
تعدت منتصف الليل حين كانت هي تبدل قطعة القماش المبللة فوق جبين ابنتها و تكاد ټموت ړعبة عليها فحرارة جسدها لم تنخفض ورغم حدوث الأمر معها لمرات عديدة سابقا واستطاعتها التعامل معه ولكنها لم تستطيع تماسك أعصابها كونها بمفردها لذلك لم تشعر بذاتها إلا وهي تلجأ لتلك الجارة طارقة على بابها وهي تأمل أن يكون بالعمل كي لا تلتق به ولكن عاندها حظها وفتح هو الباب يطالعها مستغربا في حين تلعثمت هي واخذت تفرك بأناملها
آسفة إني خبطت في وقت متأخر زي ده...لتصمت لبرهة تستعيد رباط جأشها وتستأنف متسائلة
هي طنط صاحية كنت محتجاها
لاحظ نضال توترها البادي عليها ولكنه تخوف من سؤالها تحسبا لحديثها اللاذع لذلك أجابها بثبات
هصحيها استني ثوان
لأ خلاص انا هتصرف... شكرا
قالتها وهي مرتبكة وتواليه ظهرها تنوي النزول لشقتها مما أثار ريبته ودفعته نخوته في سؤالها
يا بشمهندسة
استني لو محتاجة حاجة قوليلي يمكن اقدر اساعدك
رفعت رماديتاها التي دوما يحتلها حزن دفين إليه وهي تشعر بتردد عظيم اعجزها عن النطق
بينما هو استشف التشتت بنظراتها و رغم عجرفتها السابقة معه إلا انه كان يرى بنظراتها شخصية أخرى أكثر هشاشة مما تدعي لم يتعود عليها وحقا لا يعلم لم وخزه قلبه و اراد طمئنتها وإن كاد يتحدث خرجت كريمة متسائلة بلهفة بعدما ايقظها صوتهم
خير يا بنتي
تنهدت رهف واخبرتها بعيون راجية
معلش يا طنط البنت اللي بتساعدني اجازة النهاردة واتصلت بالصيدلية مش بيردو عليا وشيري تعبانة اوي وشريف نايم وانا خاېفة اسيبهم لوحدهم ممكن بس تقعدي معاهم عقبال ما أجيب علاج من أي صيدلية فاتحة
زفر هو حانقا من عنادها بينما ردت كريمة
ألف سلامة عليها يا بنتي انا هنزل معاك
اعترض هو طريقها
استني يا امي ليوجه نظراته ل رهف ويستأنف
خليني ابص على البنت الأول
نفت برأسها وعاندت وهي تشعر بالحرج من طلب مساعدته بعد