الثلاثاء 24 ديسمبر 2024

حكاية بقلم اية محمد

انت في الصفحة 99 من 140 صفحات

موقع أيام نيوز


على الفراش بشكل مستقيم جحظت عينيها في صدمة من المكان الغريب الذي تقبع به فأخر ما تتذكره وجودها بذلك المكان المقزز إذا كيف أتت إلى هنا كادت بالنهوض ولكنها توقفت لتزيح الأبر الطبية المندثة بوردها فما أن وقفت على ساقيها حتى أمسكت برأسها پألم لينتابها دوار حاد جعلها تكاد تهوى للخلف فتتفاجأ بيد تساندها لتحيل بينها وبين السقوط استدارت برأسها للخلف تلقائيا فصعقټ حينما رأته أمامها فشعرت بتلك اللحظة بحالة من الحيرة والتخبط لما يحدث كيف وصلت لهنا وكيف يقف أمامها بعد ما فعله بها استجمعت روجينا قوتها لتدفعه بعيدا عنها وهي تردد بدهشة 

_أنت! 
نظراتها البائسة تجاه قرعت أجراس قلبه بكل قوة امتلكتها وعلى الرغم من ذلك مازال يقف شامخا يجابه تيار حبها العتيق فدفعها برفق لتقف أمامه ثم وضع يديه معا في جيب بنطاله الأسود قائلا في سخط 
_فاكرة إنك هتتخلصي مني بالبساطة دي تبقي بتحلمي. 
ترقرقت الدموع بعينيها لتصرخ به پجنون 
_أنت لسه عايز مني أيه سبني في حالي بقى مبقاش عندي اللي ادهولك تاني! 
احتدت نظراته تجاهها فقطع المسافة بينهما حتى بات يقف مقابلها فابتلعت ريقها بتوتر من قربه منها فلفحت أنفاسه وجهها 
_في ابني اللي في بطنك. 
كزت على أسنانها پحقد فحاولت السيطرة على انفعالاتها وهي تسأله بسخرية 
_وأنت فاكر اني هحتفظ بيه! 
لف يديه حول حجابها متعمدا الضغط على خصلات شعرها فصړخت ألما فاستمعت لفحيح صوته المخيف 
_مش بمزاجك كل ما هتحاولي تأذيه هتلاقيني في وشك يا روجينا ومش كده وبس أنتي مش هتقدري تتوقعي اللي هعمله فيكي قدام أهلك لانك ببساطة لسه مش عارفة إنتي وقعتي مع مين يا حلوة! 
عنيدا هو ليقف أمام مشاعره وما تهمس به دقات قلبه فمازال عالقا بين انتقامه الذي يخيل له بأنه سيمنحه شعور السکينة والراحة ابتعد عنها أيان ثم وقف ليوليها ظهره ليتابع حديثه بعنجهية 
_بنت عمك مستنايكي برة وطبعا مش هقولك تاني عواقب اللي هتفكري فيه من دلوقتي. 
وتركها وغادر
ببرود جعلها تزداد كرها له فجلست محلها تبكي پقهر على ما فعلته بنفسها وبأبيها الذي لا يستحق سوى الإحترام منها قبل أي أحدا انهمرت في موجة من البكاء الذي لن يكون عونا لها في تلك اللحظة فترنح لمسمعها صوتا مألوفا يناديها 
_روجينا! 
التفتت تجاه باب الغرفة الطبية فوجدت حور تدنو منها فاحتضنتها وهي تردد بدموع تسبق حديثها 
_عمل فيكي أيه الكلب ده 
ردت عليها پانكسار وكأنها تشكو اختيار طريقها 
_بيهددني عشان فكرت أنزل الجنين. 
وشددت من احتضنها وهي تطالبها بتوسل 
_مشيني من المكان ده يا حور خلينا نرجع البيت. 
هزت رأسها عدة مرات فحاولت مساندتها وإتكأت الأخيرة على معصمها في مجاهدة للوقوف على قدميها المرتعشة فبدت خطواتها غير متزنة بالمرة فخطت بضعة خطوات حتى وصلت للإستقبال الخاص بالمشفى فجلست بإرهاق على المقعد المعدني وهي تردد بصوت واهن للغاية 
_مش قادرة أمشي على رجلي يا حور مش قادرة. 
جلست جوارها ثم قالت بحيرة 
_طب هنعمل أيه 
هزت رأسها بتشتت فأخرجت حور هاتفها ثم اختارت اسمه من القائمة وعين روجينا تراقبها فقالت بحزن 
_مفيش حل تاني. 
هزت روجينا رأسها بتفهم فحررت زر الإتصال بأحمد لتخبره بحاجتهما للمساعدة وأرسلت إليه عنوان المشفى فاستغرق أقل من ثلاثون دقيقة حتى وصل إليهم فما أن ولج من باب المشفى حتى فتش عنهم بالمكان ومازالت هناك علامات تعجب لوجودهما بالمشفى بذلك الوقت فاهتدت عينيه عليهن فاتجه حتى صار قريبا فرددت حور بفرحة 
_الحمد لله يا أحمد انك جيت بسرعة. 
وزع نظراته بينها وبين روجينا الذي يفترس التعب ملامحها فقال بشك 
_بتعملوا أيه هنا 
ابتلعت حور ريقها بصعوبة بالغة فبحثت عن حجة تخرجها من تلك المعضلة فقالت بعد فترة من الصمت
_مفيش روجينا كانت تعبانه شوية. 
کرهت الكذب الذي توقع أسيرته كل مرة لذا قاطعتها حينما قالت 
_كنت بحاول أنزل الجنين وفشلت. 
صدمت حور مما قالتله ابنة عمها فبينما تحاول التغطية عليها تعترف هي بمنتهى البساطة احتدت نظرات أحمد پغضب كان كالنيران المتراقصة بين حدجتيه فصاح بانفعال 
_تنزلي الجنين!! 
ثم عاد ليسترسل بحدة ونظرة استحقار تجوبها من رأسها لأخماص قدميها 
_أد أيه أنا بستحقرك كل مدى عن الأول عايزة تقتلي روح بريئة ملهاش أي ذنب غير انك أمه! 
لم يكن يكفيها سماع تلك الكلمات التي انهالت عليها كالصڤعات لتمزق أخر ما تبقى بداخلها فرفعت رأسها تجاهه ثم قالت بصوت متقطع 
_وذنبه أيه يتولد يلاقي أم مش مناسبة ليه ولو عرف الحقيقة هيجي اليوم اللي هيتمنى فيه انه ميتولدش. 
نجحت كلماتها في اظهار مدى ألمها وما تخوضه من ۏجع دافين إليه فانحنى ليحملها بين ذراعيه ثم قال بهدوء لا يتناسب مع حدة معالم وجهه 
_يالا نمشي من هنا. 
وخرج بها أحمد فقدم مفاتيح سيارته لحور التي أسرعت لفتح باب السيارة الخلفي فاتبعها وهو يحملها كاد بالوصول لسيارته ولكنه تفاجئ بمن يقطع طريقه ليقف قبالته وجها لوجه جحظت عين روجينا في صدمة لا مثيل لها على عكس أحمد الذى كان يراقب خصمه بنظرات صلدة فتجاهله عن عمد ومن ثم انحنى ليضعها بالسيارة وأحكم إغلاق بابها ثم عاد ليقف مقابله من جديد ارتسمت بسمة شيطانية على شفتي أيان فاقترب منه ثم وضع يديه على كتفيه وهو يردد باستهزاء 
_تعرف إني على الرغم من إني كنت متفاجئ من ردة فعلك بعد ما تعرف الحقيقة الا إني توقعته.. مهو اللي اتربى في بيتفهد الدهشان بيبرمجه انه يشيل أي شيلة عشان شكلهم وهيبتهم قدام الناس حتى ولو كان على حساب رجولته. 
أراد أن يستدرجه لبقعة يعميها الڠضب فيصبح بذلك الوقت قاټلا أو مقتولا ولكن لم يمنحه أحمد تلك الفرصة بل جعله يغلو بداخله ڠضبا حينما أزاح يديه عنه وهو يجيبه ببرود 
_وهو الرجولة عندكم إنكم تستخبوا زي الحريم وتأخدوا تاركم منهم! 
ثم مال برأسه على أذنيه وهو يهمس ساخرا 
_تفتكر كنت هتقدر تقرب لآسر أو لحد من الشباب! 
ثم انتصب بوقفته وهو يسترسل بنظرة أسقطته من قاموس الرجال 
_عمي الكبير فهد الدهشان علمنا منخدوش بتارنا من الضعيف لكن انتوا عندكم بتستغلوا ضعف اللي قدامكم عشان تاخدوا بتاركم عشان اكده ضربتنا بتبقى قاضية وهتشوف بنفسك. 
وكاد بأن يتجه لسيارته ولكنه عاد ليقف مقابله وهو يردد بوعيد 
_روجينا متخصش حد غيري عشان كده محدش هينتقم منك على اللي عملته غيري وهتشوف. 
وتركه وغادر من أمام عينيه تاركا النيران تكاد تلتهمه فازددت شعلة الاڼتقام التي كان يهتز لهيبها. 
بالصعيد... وبالأخص بمنزل كبير الدهاشنة. 
لم يروق له أن يرسل إليه أحد. رجاله ليخبره بأن الكبير يريده في الحال فاتجه مهران الدهشان للثرايا
وهو يجاهد ليكبت الحقد والكره الدافين بداخله منذ توالى فهد زمام أمور العائلة مع إنه الأحق بعد أبيه وهدان الدهشان فكم كان يريد أن تنتقل الزعامة لعائلته فهو ابن عم وهدان وفهد يصغره سنا وحينما أراد أن يزرع الفتنة بالعائلة لنشأ خلاف بين اختيار كبيرهم وجدهما يؤيدون فهد قلبا وقالبا لذا أرغم على تقبله وإظهار حبا وإحتراما مخادع إليه جاهد مهران لرسم ابتسامة باهتة وهو يدنو من المندارة
ليجلس على الاريكة الخشبية المجاورة للمخصصة اليه وهو يقول بود مخادع 
_جاني أن الكبير بنفسيه طالبني فهملت مصالحي وجيت جري أشوف في أيه 
كانت نظرات فهد الهادئة تتطالعه ومن جواره كان يجلس سليم وعمر ينتظران ما سيقوله فهد الذي طال صمته ليشتت انتباه من يترقب ما سيقول باهتمام طال الصمت والسكون بالمندارة الى أن مزق صفحاته الطويلة صوت فهد المتعصب حينما نهض عن مقعده ليصل له خطۏرة ما يفعله 
_اسمعني زين يا
عمي إني لو كنت بعديلك اللي بتعمله سابق فده احتراما لسنك لانك أد والدي لكن هتنجاوز حدودك يبقى لا ملهوش لزمة سكاتي بعد اكده. 
نهض عن مقعده ليدنو منه وهو يتساءل بمكر 
_ليه بس يا كبير أيه اللي حوصل وخلاك زعلان مني! 
ناب عنهسليم بالرد حينما قال بسخط 
_يعني متعرفش اللي عملته وخلى الدنيا قايمة عليك اكده! 
قال بحيرة تصنع في جعلها حقيقية 
_وأني لو أعرف كنت سألت يا ولدي! 
رد عليه عمر تلك المرة باحترام لا يستحقه بالمرة 
_مهو يا عمي ميخلصكش إنك تأجر أراضي الفلاحين ومتدهمش حقوقهم! 
منحه نظرة مندهشة وهو يردد پصدمة
_أني! محصلش الحديت ده يا ولدي أني بديهم حقوقهم أول بأول دول ناس كدابة وطماعين عايزين الطاق طاقين. 
صوت صارم قطع حديثهم المتبادل فيما بينهما 
_عمي أني اتوكدت بنفسي ان الناس دي مبتكدبش وقولتلهالك سابق وهرجع أقولهالك تاني أني مقبلش أن حد من أهلي يستغل اللي بينا ويدوس الغلابة اللي أني نصيرهم وكبيرهم. 
ثم أشار بيديه على الباب وهو يخبره بحزم بث الخۏف بقلبه و 
_هتخرج من اهنه تدي الناس فلوسها طوالي والا مهتدخلوش واصل ولا كأنك عمي من الأساس... خلص الكلام. 
ازدرد ريقه الجاف وهو يحاول

ابتلاع تلك الاھانة التي كانت نتيجة لتصرفاته البغيضة فاتجه بخطاه البطيئة ليخرج من المنزل متكئا على عصاه فما أن وصل لسيارته حتى لكم الأن بعصاه وهو يردد بتشفي 
_ماشي يا فهد بكره نشوف هتعمل أيه لما راسك تبقى في الوحل قدام الناس اللي بتمنظر بيهم دول. 
وصعد سيارته ثم أمر السائق بالتوجه لمنازل هؤلاء الفلاحين خوفا من أن يتخذ فهد أي قرار تجاهه فهو بالنهاية يعلم بأنه يقدر على إيذائه. 
بجناح رؤى 
كانت تجلس تسنيم وتالين معها بعد أن جمعتهما لتتفق معهم على الخروج غدا برحلة استكشافية للصعيد فارادت أن تصطحبهما تسنيم كونها تعلم كل ما يخص أمر بلدها فقالت بابتسامة مشرقة 
_وأنا والله نفسي أخرج فقول لآسر ونخرج مع بعض بكره. 
صفقت تالين بحماس 
_ياريت الواحد حاسس انه اتحبس هنا. 
ضحكت رؤى ثم قالت 
_عشان تعرفي أن أفكاري بتنفع.. 
وتركتهما بالشرفة واتجهت للبراد الصغير الموجود بجناحها لتحضر بعض المشروبات الباردة فتفاجئت بمن يحتضنها من الخلف ليميل على عنقها وهو يهمس بشوق 
_مختفية فين طول النهار وحشتيني! 
جحظت عينيها في صدمة لتدفعه بعيدا عنها وهي تردد بحرج 
_بدر أنا مش لوحدي! 
لم يفهم ما تقول الا حينما خرجت تسنيم وتالين من الشرفة وكلا منهن يستحوذ الخجل على ملامح وجههم المصطبغ بالأحمر فمرر يديه على شعره بحرج مما فعله ووضعهما بموقف هكذا فقال بمحاولة لتلطيف الأجواء 
_رايحين فين السهرة لسه طويلة أنا كده كده نازل لسه تحت هقعد مع الشباب. 
ردت عليه تالين بابتسامة رسمتها بالكد 
_أنا كده كده كنت نازلة لأني ھموت وأنام... تصبحوا على خير. 
وغادرت من أمامهم على الفور وكأن هناك عقرب لدغها فكادت تسنيم بأن تلحق بها ولكن رؤى اوقفتها وهي تتوسل لها 
_خليكي انتي يا تسنيم عشان خاطري. 
جذبت يدها وهي نخبرها بخجل 
_ما أحنا الصبح هنخرج مع بعض يا رؤى أنا لازم أرجع اوضتي قبل ما آسر يطلع من تحت تصبحي على خير. 
وتركتها وغادرت سريعا فاستدارت الاخيرة تجاه من يخفي وجهه لما سيلاقاه من معركة حاسمة فرددت بغيظ 
_يعني مش شايفهم قاعدين! 
أجابها بجدية
 

98  99  100 

انت في الصفحة 99 من 140 صفحات