حكاية عيون مصعوبة بقلم ډفنا عمر
انا في دماغي فكرة هساعدك بيها من غير ما اطلب من اخوك حاجة
ازاي بقي افهم
لا مش لازم تفهم انت ركز في شغلك واعقل كده وربنا يسهلها ان شاء الله سنة بكتيره وهتكون محصل اختك ومتجوز
يسمع منك ربنا يا امي
روح بقي شوف حالك الله يفتح عليك
جاء يوم زفاف رندا شقيقة يونس وتمت الليلة علي خير ولم ترتاح رضوي التي قامت معهم بكل شيء تنطيف وفرش شقة العروس وتجهيز طعام العرسان حتي نفذت قواها ولم تعد قادرة علي شيء فذهبت تقضي يومان وسط والديها وشقيقها الذي أتاها بأسرته هو الأخر
الحمد لله يا حبيبي اختك زي الفل ومتهنية وبتدعيلك علي المبلغ اللي بعته نقطة ليها
عيب يا ماما دي اختي وبنتي كمان طيب وانتي لسه ضغطك عالي من بعد الفرح
لا يا ابني بقيت أحسن علي علاج الدكتور الجديد بس ابن اللذينا كشفه غالي وصرفت كل الفلوس اللي بعتهالي
طب وليه يا ابني مش كنت متعود تبعتلي طول الفترة اللي فاتت وانا بسد كل الفواتير مية ونور وتليفون وكل حاجة
ده لما كانت مراتي وبناتي هنا معايا انما خلاص هي هناك وقلت هي بقي تدفع الفواتير وتعمل كل حاجة عشان انتي ماتتعبيش قلت اريحك يعني
عندك واتركنت علي الرف خلاص
ازاي يا أمي ده انتي على راسي من فوق خلاص ولا يهمك كل شهر هبعت الفلوس ليكي وانتي اتصرفي راضية عني يا أمي
الله يا أمي دعواتك دي بالدنيا عندي أنا عايش ببركة دعاكي وبس
داعيالك يا ابني كل أذان ربنا يرجعك من غربتك سالم غانم قادر ياكريم
النقود معها اقتربت أن تنفذ وزوجها لم يرسل شهريتها كما اتفقا كلما حاولت تذكيره تنسى اليوم ستذكره بها وهي تهاتفه ليلا گ المعتاد
الفلوس اللي نزلت بيها قربت تخلص يا يونس هتبعتلي شهريتي امتى
منا بعتها من كان يوم يا رضوي هي ماما مش قالتلك
بعتها ازاي وإيه علاقة والدتك بالموضوع مش اتفقنا انك هتبعتلي كل شهر وانا اللي هوصل فلوس مامتك واتصرف في الباقي
كنت ناوي علي كده الله بس شكل امي بقيت حساسة اوي افتكرتني خلاص بلغيها وزعلت اني مش هبعتلها هي فقلت اراضيها والمصلحة واحدة ولما هي تاخد الفلوس توصلك المبلغ اللي يخصك انتي والبنات
أمور خاصة بعتلي قرش بعتلي عشرة ده بنا ومحدش من حقه يعرفه
انتي
مكبرة الحكاية ليه بس مش فاهم ما قولت امي هتديكي
وما ادتنيش ليه لحد دلوقت كانت منتظرة ايه
عادي يمكن نسيت جلا من لا يسهو يا ستي
مسحت علي وجهها مستغفرة ثم قالت طب بعتلي كام وانا هنزل اخدهم منها
بعتلك خمس تلاف جنية اعتقد يكفوا ماتخليش البنات محتاجة حاجة
حاضر ماتقلقش
انهت المكالمة معه وهبطت إليها لتطالب بنقودها لكن الغريب أنها راوغتها وأخبرتها أنها ستحضر لها النقود في الصباح لأنها نسيت أين احتفظت بهم
لم تصدقها رضوي وشعرت بالريبة ومع هذا انتظرت أن ترى على ماذا سيرسو إليه الأمر فالصباح ليس ببعيد
وجدتها تطرق بابها في الصباح حاملة معها حقيبة كبيرة تحوي بعض الخضار والبقولات والأرز وأكياس مكرونة منوعة الأحجام ودجاجتين وكيسان من اللحم المقطع
نظرت رضوي لما وضعته أمامها هاتفة بدهشة
ايه ده ياحماتي اللي انتي جايباه مش فاهمة
مش فاهمة ايه حبة خضار ونواشف علي فرختين واتنين كيلو لحمة لوازم الشهر ثم وضعت براحتها ورقات نقدية قائلة ودول 500 جنيه عشان لما تعوزي تشحني انتي وبناتك
مازالت رضوي لم تستوعب فتساءلت لوازم شهر ايه و 500 جنيه بتوع ايه!
هتفت بضجر يوه انتي اللي طالع عليكي ايه ايه دول خزين مطبخك وتلاجتك وقرشين تشحني بيهم الموبايلات بتاعتك انتي وبناتك
حاولت أن تحافظ علي تعقلها وهي تقول بهدوء زائف أنا جوزي باعتلي 5000جنية هما فين
خمس ايه يا عين امك ليه عشان تصرفي علي مكياجك ولبسك والحاجات الفاضية اللي بناتك بتشتريها لا يا نين عيني أنا شقي ابني مش هيروح على الفاضي ده ظروفه صعبة ولازم يلم نفسه
ثم حذرتها بوجه شيطاني وإياكي تروحي تشتكيني عنده يمين بالله هقلب الدنيا عليكي واقول انك بتفتري عليا وفي الأخر هيصدق امه حبيبته وهيخاف تغضب عليه وهيكدبك انتي فاهمة ولا مش فاهمة
رمقتها بجمود بائس وهي تعرف صحة ما تقول يونس لا ېكذب والدته قط وېخاف ڠضبها أكثر من أي شيء أخر للأسف كفة صدقها خاسرة أمام حديثها الكاذب
راحت ترمق الأشياء التي أحضرتها بشرود ثم اتخذت قرار ربما يكلفها الكثير من أعصابها ويستنفذ صبرها وسلامها النفسي لكنه معركتها الأخيرة إما ربحتها أو خسړت كل شيء
عملتي ايه يا أمي قولتي لاخويا يونس يبعتلي مبلغ اوضب شقتي حمايا عمايل ينغزني بالكلام في جنابي كل اما ازورهم
اصبر قريب اوي هتاخد مبلغ حلو في ايدك
صاح بفرحة يعني اخويا هيتعتلي
لا أخوك مايعرفش حاجة أنا اتصرفت في جمعية بألفين جنية في الشهر هقبضها أربعة وعشرين ألف علي المبلغ اللي انا مدكناه علي جمب تلم بيهم شقتك وعفشك وتتجوز
قبل رأسها مهللا ربنا يخليكي ليا يا أمي بس ازاي قدرتي تدخلي جمعية بألفين جنية مرة واحدة واخويا مش هو اللي بيبعتلك فلوسها
غامت عيناها هامسة أتصرفت
مضت الأيام ثقيلة وهي گ قنبلة موقوتة تنتظر الانفجار فى اى لحظة كلما بصرت شحوبها هي وبناتها تتحصر حالهم لم يعد متاحا لهم الكثير من الأمور لا نزهات لا زيارات تستلزم نقود أضافية كما تجنبت الذهاب لبيت والديها كما جعلتهما لا يزورها بحجج كثيرة تدبر حالها بالقليل التي تحضره والدة زوجها كل شهر مع مبلغ الخمسمائة جنية
أبرار ماما أحنا ليه مش بنخرج زي ما كنا مع بابا
حفصة والأكل قليل اوي ومافيش
فاكهة وحلويات وبيتزاهت وشيكولاتات من اللي بنحبها بابا كان بيجيب حاجات كتير حلوة
رهف وكمان أنا وحفصة نفسنا ناكل كنتاكي في المطعم زي ما كنا مع بابا
معلش يا بنات استحملوا شوية بابا هايجي قريب وهو هيجيبلكم كل حاجة نفسكم فيها
حفصة طب رمضان قرب هتجيبلنا فوانيس زي ولاد وبنات عمي
تنهدت وقالت إن شاء الله هجيبلكم يلا عشان تتعشوا وتناموا
أبرار طب ما ينفعش تعملي لينا بيتزا يا ماما
مكوناتها مش موجودة ياحبيبتي معلش هانت وهعوضكم كل ده
صنعت لهما أجزاء من الخبر البلدي ويكسو محياها جمود عجيب لو رآه أحدهم لعلم أن عاصفة وشيكة ستقلب الأجواء
وشيكة جدا
صاحت الصغيرة حفصة بحزن الفانوس ده وحش يا تيتة مش بيغني اغاني رمضان انا عايزة واحد تاني
قالت بجفاء بلاها دلع ماسخ اهو فانوس وخلاص ولا ان ماكنتش الحاجة غالية ما ترتاحوش يا بنات يونس
أبرار بجدال لأنها أكبرهم وفيها ايه يا تيتة لو جبتي لينا الفوانيس اللي تعجبنا طب خلي ماما هي اللي تشتري هي عارفة بنحب ايه
أنا اشتريت فوانيس واتفضينا مش هنشتري حاجة تاني ونغرم فلوس علي الفاضي
نكسوا الصغار رؤسهم بينما لمعت عين أكبرهم بضيق كانت تظن جدتها ستكون أكثر حنان وحب معهم لكنها لا تحبهم فقط تحب ابناء وبنات عمها الأخر لا تحبهم ليتهم ما عادوا هنا وتركوا أبيهم
نظرت لوالدتها ولأول مرة تفهم وتعي ما تعاني منه
كأنها نضجت سنوات تفيض عن عمرها الحقيقي
أقبل شهر رمضان المبارك والحال كما هو لا جديد غير أن بالون الڠضب المكتوم داخلها يكبر
ويتضخم لكنها تتصبر بأن الڤرج قريب
رهف ماتيجوا نحكي لبابا اللي بيحصل معانا من تيتة وازاي ماما
زعلانة وبتعيط
حفصة بس ماما علمتنا ما نقولش لبابا حاجات تزعله أبدا في التليفون
أبرار أيوة ده الصح عشان مش يزعل وهو لوحده
رهف بس تيتة مش بتحبنا
حفصة بتعب ولاد وبنات عمنا التانيين
أبرار ماتزعلوش يابنات أهم حاجة ماما وبابا بيحبونا يلا بقى ننام عشان سهرنا أوي
تلحفوا بالحزن غافلين عن من تقبع بمفردها تشكوا حالها لله وتتحمل لتصل لبغيتها فإما أسقطت الغمامة التي تغشي عيناه
وإما أنتهت رحلتها معه
إلى الآبد
نوفيلا عيون معصوبة
بقلم ډفنا عمر
الحلقة الثالثة
ذراعيها النحيفة تتشابك حول ركبتيها الأشد نحولا
وجهها الشاحب المنحوت بالقهر تتوسطه عينان شاخصتان تبصر بهما الفراغ أمامها ورأسها تتزاحم به الأفكار القاتمة تتسائل بصوت العقل الهامس هل ستربح معركتها مع غفلته المظلمة وتجتذبه لفضاء بصيرة ضاوية لا يريد يونس إدراكها مكتفيا بطاعة عمياء تعصب عيناه عن حقيقة ما تكابده هي والصغار من ذل ومهانة وحرمان
الإجابة ظلت مبهمة لديها وتعاقبت أيام الشهر الفضيل واقتربت من ثلثها الأخير والانتظار مازال قائما ليدوي رنين الهاتف مخترقا سكونها وزوجها يحدثها عبر الهاتف ايه أخبارك يا رضوي والبنات كويسين
عايشين
جاء صوتها فاتر لينعقد حاجباه بقلق
عايشين انتي بتتكلمي كده ليه هو في حاجة حاصلة معرفهاش ولا لسه زعلانة عشان موضوع الفلوس اللي ببعتها لأمي
أنده علي البنات عشان تكلمهم
مازال صوتها يكتسي ببرود ثلج لا يذوب فيهدر عليها
رضوى مالك!! لحد امتي هتعامليني بالبرود ده كل اما اكلمك تنادي البنات وتختفي وماتكلمنيش انتي ماقولتليش ليا كلمة حلوة من وقت ما نزلتي
يابنات تعالو بابا عايزكم على التليفون
هكذا صاحت على صغارها متجاهلة عتابه ليزداد حنقه وتشابك حاجبيه بحيرة وضيق من حالها الغير مفهوم
بابا حبيبي وحشتيني جاي امتي
ابتسم رغما عنه لصغيرته قريب يا حفصة عاملة ايه يا روح بابا وفين اخواتك
كويسة استني هناديهم ونتصل بحضرتك كاميرا بقالك كتير مش شوفتنا
بعد قليل اتصلوا عليه بمكالمة فيديو وما ان أبصرهم حتي تعجب شحوبهم ونحافتهم خاصة الصغيرة حفصة التي فقدت الكثير من وزنها ألا يأكلون
خاسين ليه كده يا حبايبي شكلكم بتغلبو ماما في السحور والفطار زي عوايدكم بس ده صيام لازم تاكلوا كويس
أبرار ابدا يا بابا والله بس زهقنا من الفول والطعمية والجبنة القريش نفسنا في بيتزا وكنتاكي وحاجات كتير ماما مش بتجيبها
رهف هو ماينفعش نرجع نعيش معاك تاني يا بابا محدش هنا بيسأل علينا ولا عمو حسان ولاعمو وائل كمان في حاجات زعلانين منها بس خايفين نقولك تزعل وماما قالت لينا مش نقولك كلام يزعلك
تدخلت حفصة تضيف رتوش جديد لصورة الحقيقة الغائبة عن أبيها بس لازم تعرف يا بابا إن تيتة مش بتحبنا زي ولاد وبنات عمنا اشترت لينا فوانيس وحشة اوي