حكاية بقلم نونا المصري
الطاولة امام سلمى وقالت من فضلك تقدري تدي ادهم بيه الشنطة دي
فنظرت سلمى الى الحقيبة وسألتها ايه الشنطة دي
الهام هو هيعرف ايه اللي جواها بعد ما تقوليله انها من مريم وانها مش محتجاها بعد النهاردة
فرفعت سلمى حاجبها وقالت قولتي مريم
الهام ايوا الشنطة دي تخص ادهم بيه وهو سابها مع مريم صاحبتي بس هي حتسافر ومش حترجع هنا تاني علشان كدا طلبت مني ارجعها له وبما انه مش موجود دلوقتي فهسيبها عندك
الهام متشكرة عن اذنك دلوقتي
قالت ذلك ثم غادرت اما سلمى فإنتابها الفضول لمعرفة ماذا يوجد داخل الحقيبة لذا قررت ان تفتحها وبالفعل فعلت ذلك فشهقت عندما رأت النقود وقالت فلوس بس ليه ادهم بيه ساب فلوسه مع مريم !
وفي اليوم التالي توجهت مريم برفقة
صديقتها الهام وابويها الى المطار وبعد حفلة التوديع التي حدثت بين الهام وامها صعدن في الطائرة وما هي الا نصف ساعة حتى اقلعت من مطار القاهرة الدولي فكانت الهام متحمسة جدا جدا لانها كانت ستسافر لأول مرة في حياتها بينما كانت مريم جالسه بجانب النافذة على بعد خمسة مقاعد من مقعد صديقتها وكانت تحدق بالفراغ بصمت وبوجه حزين
فذهب ادهم الى هناك وكان منزعج كالعادة حيث انه اصبح سريع الڠضب بعد ما حدث بينه وبين مريم صعد الى مكتبه في الطابق الاخير بعد ان تغيب عن العمل في اليوم السابق اي عندما اعادت الهام الحقيبة لأنه كان متعب وقرر البقاء في الفيلة الخاصة به بعيدا عن ازعاج الجميع وعندما وصل نهضت سلمى وقالت اهلا يا فندم
سلمى حاضر يا فندم بس في
فقاطعها بقوله مش عايز اسمع اي حاجه دلوقتي
قال ذلك ثم دلف الى مكتبه اما سلمى فتنهدت وجلست في مكانها مجددا وعندما اصبح في مكتبه وقع نظره فورا على الحقيبة السوداء التي كانت على طاولة المكتب فتوجه نحوها بسرعة وعقد حاجباه عندما رأها قائلا ايه اللي جاب الشنطة دي هنا !
حيث ان مريم اعادت ال 200 جنيه التي اخذتهم لكي تدفع لسائق سيارة الاجرة عندما ذهبت الى المشفى في يوم ۏفاة اختها فترك الحقيبة وخرج من مكتبه بسرعة وسأل مين اللي رجع شنطة الفلوس اللي في مكتبي يا سلمى
فنهضت سلمى وقالت جابتها الهام امين صاحبة مريم يا فندم هي قالت ان مريم حتسافر ومش محتاجة الشنطة دي وطلبت منها ترجعها لك
قال ذلك ثم ركض نحو المصعد دون ان يقول اي شيء تاركا خلفه سلمى في حيرة من امرها فقالت هو ايه اللي بيحصل في الشركة دي !
اما هو فاستقل المصعد حتى نزل الى الطابق الاول وبعدها خرج فصادف كمال في طريقه حيث استوقفه الاخير قائلا ادهم انت كنت فين امبارح
ثم عاد إلى داخل الشركة بينما كان ادهم يقود سيارته بسرعة چنونية دون ان يعرف وجهته حيث انه قرر الذهاب الى منزل مريم ولكنه نسي أنه لا يعرف عنوانها وسرعان ما ادرك ذلك لذا اوقف السيارة بجانب الطريق وامسك هاتفه واتصل على سكرتيرته سلمى فاجابته فورا ايوا يا فندم
ادهم عايزك تبعتيلي عنوان البنت اللي اسمها مريم مراد عثمان دي حالا
سلمى حاضر يا فندم
فاغلق ادهم هاتفه وانتظر حتى ترسل له سلمى عنوان مريم على احر
من الجمر اما هي فقامت بالبحث عن سيرة مريم الذاتية بين الملفات لكي تعرف عنوانها وعندما وجدتها ارسلت له رسالة هاتفية تخبره بالعنوان ففتح الرسالة ثم شغل محرك سيارته مجددا وتوجه إلى البناية التي كانت تسكن فيها مريم بأقصى سرعته وما هي الا مدة قصيرة قد مرت حتى وصل الى العنوان فنزل من سيارته وركض بسرعة ثم اقترب من البواب وقال السلام عليكم
البواب وعليكم السلام
ادهم لا مؤاخذة تعرف في انهي دور ساكنه البنت اللي اسمها مريم مراد عثمان
فنظر البواب اليه من الاسفل حتى الاعلى ثم سأله وحضرتك تبقى مين يا استاذ
ادهم انا جو رئيسها في الشغل
البواب اه فهمت شقتها في الدور التاني بس انت مش هتلاقيها في البيت دلوقتي
ادهم امال هلاقيها فين
البواب دي سابت الشقة ولغت عقد الإيجار امبارح وسابت مصر كلها بعد ما اختها الصغيرة ماټت من اسبوع
فعقد ادهم حاجباه بشدة وسأله بدهشة قلت ايه
البواب قلت انها سابت من مصر كلها
فهز ادهم رأسه نفيا وقال پصدمة قلت ان اختها الصغيرة ماټت !
البواب ايوا يا استاذ المسكينه كانت محتاجة تعمل عملية زرع قلب بسرعة بس لان الانسه مريم اتأخرت ومدفعتش تكاليف العملية الدكاتره مقدروش يدخلوها غرفة العمليات علشان كدا جسمها ما تحملش وماټت الخميس اللي فات
في تلك اللحظة شعر ادهم بشعور مؤلم للغاية حيث ان قلبه ټحطم الى اشلاء واستحقر نفسه كثيرا بعدما ادرك الحقيقة كاملة وان مريم ضحت بنفسها من اجل ان تنقذ اختها الوحيدة ولكن حبل المنية فرق بينهما ودون ان يشعر نزلت دموعه مثل زخات المطر لانه ظلم محبوبته كثيرا وعاملها بقسۏة في اليوم الذي تزوجها به وظن بها سوء وجرحها بكلامه كما انه صفعها
بقوة فتوجه نحو سيارته بخطوات ثقيلة ودموعه تنساب على وجنتيه بصمت وما ان صعد في السيارة حتى فجر بركان المشاعر الذي كان مكبوتا بداخله وصړخ صړخة عالية عبر بها عن كل حزنه العميق وبعدها اخذ يضرب المقود ويلعن نفسه
اما في الطائرة المتوجهة إلى نيويورك كانت الهام تغط في نوم عميق بينما كانت مريم تحدق من النافذة وكان جالسا الى جانبها شاب وسيم للغاية ذو شعر اسود وقسمات وعيون خضراء وذقن خفيفة اعطته رونقا خاصا وقد كان يعمل على حاسوبه المحمول بصمت مما جعل منه جذابا للغاية فجأة شعرت مريم بالأعياء فوضعت يدها على فمها وحاولت ان تمنع نفسها من التقيء فنظرت حولها ووجدت قارورة ماء امامها لذا ارادت ان تفتحها وتشرب القليل ولكن الأمر ازداد أكثر عندما اهتزت الطائرة لذا نهضت من مكانها ثم ربتت على كتف الشاب فنظر إليها وقال خير يا انسه انتي كويسه
اشارت له بيدها اليسرى لكي يفسح لها مجالا من اجل ان تمر وتذهب إلى حمام الطائرة بينما كانت تضع يدها اليمنى على فمها فنهض بسرعة واضاف اه اتفضلي
فذهبت بسرعة وكان وجهها شاحبا للغاية تقيأت
وبعدها غسلت وجهها وعادت الى مكانها فنهض الشاب مجددا لكي يفسح لها مجالا لتجلس مجددا فنظرت اليه وقالت بصوت ضعيف متشكره
ثم جلست وارادت ان تفتح قارورة الماء لكي تشرب ولكنها كانت مغلقة بشدة لذا لم تستطيع ان تفتحها لانها كانت ضعيفة ولا تمتلك القوة لتضغط على نفسها بسبب قلة الأكل فنظر اليها الشاب ثم وضع حاسوبه جانبا ودون اي تردد اخذ قارورة الماء من يدها قائلا خليني اساعدك
فنظرت اليه وهو يفتح القارورة وغمغمت م متشكره تعبتك معايا
اعطاها الشاب الماء وابتسم بعفوية قائلا على ايه دا اقل واجب
فشربت مريم بعض الماء بينما كان هو يحدق بها وبعد ان انتهت سألها احسن !
اومأت برأسها قائلة ايوا متشكره
الشاب العفو شكلك اول مرة تسافري في الجو مش كدا
مريم ايوا دي اول مره اركب طياره واخرج برا مصر
الشاب وليكي حد عايش في نيويورك طبعا لو مش هزعجك بسؤالي
مريم لا ابدا هروح اقعد عند صاحب بابا انا وصاحبتي اصله يبقى عمها وحضرتك يا استاذ !
فابتسم الشاب وقال خلينا نتعرف الاول انا خالد خالد نجم رجل أعمال حره
يتبع الفصل السادس
بسم الله الرحمن الرحيم
قراءة ممتعة للجميع
صافحت مريم الشاب المدعو خالد وقالت وانا مريم مراد مصممة مواقع الأيكترونية ومبرمجة تطبيقات
خالد اتشرفنا
مريم الشرف ليا انا
وابتسم خالد ثم استطرد متقلقيش طبيعي تحسي بدوخة علشان دي اول مرة تسافري في الطيارة وكمان شوية وقت هتتعودي وكل حاجة هتبقى تمام
مريم باين على حضرتك انك مقضيها سفريات في الطيارة مش كدا يا استاذ خالد ولا انا غلطانة
خالد عندك حق انا فعلا بسافر كتير ودا بحكم شغلي لأني راجل اعمال وبقضي معظم وقتي برا مصر
مريم وعيلتك بيسافروا معاك برضو ولا بتسافر لوحدك
في تلك اللحظة تغيرت تعابير وجه خالد فقال بنبرة حزينة الوالد والوالدة تعيش انتي وانا كنت ابنهم الوحيد
ومعنديش قرايب غير عمة وحده عايشه معايا في نيويورك وانا بعتبرها امي التانية لان هي اللي ربتني من وانا صغير
وبعد قوله ذاك شعرت مريم بالحزن لانها تذكرت افراد عائلتها الذين ماتوا واحدا تلو الآخر وتركوها وحدها فذرفت دمعتين رغما عنها وقالت بنبرة مخڼوقة اصعب حاجة في الدنيا لما المۏت يخطف منك اعز انسان على قلبك بس هنعمل ايه بقى هي دي الحياة محدش بيدوم وكل الناس هيموتوا في الاخر
قالت ذلك ومسحت دموعها فأنتبه عليها خالد واردف بتوتر الظاهر انا فكرتك بحد كان غالي على قلبك جدا بس هو ماټ مش كدا
ازدردت مريم ريقها واجابت ايوا عيلتي
فسألها خالد بغير تصديق كلهم ماتوا !
ردت عليه بنبرة مرتجفة للغاية في الاول بابا توفى قبل تلات سنين بحاډثة شغل وبعدين ماما ماټت من سنة تقريبا ومفضلش غيري انا واختي الصغيرة بس هي هي كمان راحت الاسبوع اللي فات وسابتني لوحدي
قالت ذلك واجهشت بالبكاء الامر الذي اربك خالد ولم يعد يعلم ما الذي يجب أن يفعله فقال بتلعثم انا انا اسف يا انسة مريم مكنش قصدي افكرك بحزنك بتمنى انك تسامحيني
فمسحت مريم دموعها مجددا وهزت رأسها بالنفي قائلة بصوت مخڼوق ولا يهمك اساسا انا مستحيل انسى الموضوع دا ابدا يعني انت مفكرتنيش فيه
اخرج الشاب منديله الحريري من جيب سترته وقدمه لها قائلا اتفضلي امسحي دموعك وانا اسف مرة تانية
فنظرت مريم اليه لتجد في عينيه نظرة صادقة وحزينة يغلب عليها