الأربعاء 18 ديسمبر 2024

حكاية عائلة غانم الجوهري بقلم روز آمين

انت في الصفحة 134 من 138 صفحات

موقع أيام نيوز


يحتاج ترتيبات أخرىرجال الحراسة وتأمين مبيتهم هناإقناع والده لوالدته المړتعبة عليه من مجرد الزيارة فكيف له أن يقنعها بالمبيت في تلك القريةمع وجود كل تلك العوائق والعراقيل ومع ذلك لم يهتمجل ما جال بفكره بتلك اللحظة هو راحة خليلة قلبه وفقطلذا تبسم لها وتحدث بنبرة حنون 
لو إنت حابة كده أنا معنديش أي مانع

هرولت إليه لتحتضنه بقوة وهي تقول بنبرة حماسية 
ربنا يخليك ليا يا حبيبي
كما الظمأن التائه بوسط الصحراء وبلحظة ظهر أمامه بئرا من الماء العذب ليهرول إليه يشرب ويشرب حتى الإرتواءهكذا رأها أمامهنظراتها التي تبدلتوكأن
شيئا كان ينقصها والأن فقط قد عثرت عليه لتكتمل 
شددت من احتضانها ليشاركها لحظة السعادة بعودتها إلى كنف عائلتهابعد قليل كان يجلس فوق إحدى الأرائك يتوسط عزيز و وجدي حيث بدأ بفتح الأحاديث لادماج زوج شقيقتهموضعوا الطاولة الارضية وسط الغرفة وبدأت نوارة وفتيات عزيز وشاركتهم إيثار برص الاطعمة المتنوعة فوقهاكانت تتحرك برشاقة رغم حملها وهي تجلب الطعام من المطبخ وتقوم برصه وكأنها عادت إبنة التاسعة عشرانتهوا من تجهيزها لتهرول هي لإحدى الأرائك وبدأت بحمل إحدى الوسائد ووضعها فوق الأرض لتنطق وهي تشير لزوجها 
حطيت لك مخدة علشان تكون مرتاح وإنت بتاكل
أجابها بهدوء وهو يتطلع لتلك الطاولة الأرضية 
ملهاش لزوم يا حبيبيأنا هقعد معاكم على الأرض
هتف وجدي بحبور 
ميصحش سعادتك
وقف الجميع وحمل عزيز وسادة ليضعها بجوار جلوس فؤاد وتحدث إلى شقيقته وكأنه يريد محو الماضي من مخيلتها 
وإنت كمان إقعدي جنب جوزك علشان متتعبيش
تطلعت عليه بنظرات مختلطةما بين سعادة وحيرة واستغراب وعلى الفور ابتسمت له ليمسك زوجها بيدها وساعدها على الجلوس نظرا لحملها ثم جاورهاحضرت منيرة والتف الجميع حوال الطاولة لينطق أيهم في محاولة منه لفتح أحاديث مع زوج شقيقته 
طبعا دي أول مرة تاكل فيها على الطبلية يا سيادة المستشار 
ابتسم وهو يقول بملاطفة 
بصراحة أول مرةبس حبيت القعدة جدا
وتابع وهو يشير بكفيه 
تحس إن فيه ألفة وجو عائلي أكثر من السفرة
قامت منيرة بتقطيع لحوم البط وقامت ببسط ذراعها وهي تضع إلى فؤاد بصحنه لتنطق بحبور ووجه بشوش 
مد إيدك وكل يا ابنيومتقلقش من ناحية النضافةإحنا نضاف وأكلنا زي الفل
تحدث على عجالة لينفي فكرتها 
ده شيئ واضح يا افندم ومش محتاج كلام
أمسكت نوارة ملعقة كبيرة وقامت بغرف قطعة كبيرة من صينية الأرز المعمرلتقول وهي تضعها بصحن ذاك الراقي 
دوق بقى الرز المعمر بتاع ماما وقول رأيك فيه
واسترسلت بحماس وهي تشير إلى إيثار 
ده بقى أكلة إيثار المفضلةكانت بتعشقه وعمي الله يرحمه كان بيخلي ماما تعمله مخصوص ويوديه ل إيثار مصر بنفسه
تذكرت والدها وزياراته لها حيث كان يأتي محملا بالخيراتتنهدت لتبسط كفها تلتقط إحدى وحدات أصابع المحشي لتتناوله وتغمض عينيها تتلذذ بنكهته الرائعة والتي تذكرها بأيام صباهاإلتقطت واحدا أخر لتضعه بفم زوجها دون أن تشعر بالخجل ك قبل مع عمرو لتنطق بعينين تظهر بهما السعادة 
دوق المحشي دههيعجبك قوي
بدأ بمضغه ليرفع حاجبه للأعلى باندهاش لينطق وهو يتطلع إليها
طعمه هايل
ثم توجه بحديثه إلى منيرة وتحدث 
تسلم إيد حضرتك
اجابته بابتسامة صافية 
بالهنا والشفا يا ابني
وضعت لها نوارة قطعة من الأرز المعمر لتتناول ملعقة منه وتعود بذاكرتها لذاك الطعم المميزتطلعت للمائدة وأصناف الطعام الموجودة وعادت بذاكرتها للخلفوجوه الموجودين بذاتهم لم تتغير رائحة الطعام الذكية وطعمه الحلو المميزذاك الدفئ الذي كانت تشعر به بحضرتهمكل شيئ ظل كما هو إلا ذاك الحبيب الطيبوبرغم رحيله إلا أنها كانت تشعر بروحه الطاهرة تحوم من حولهم وكأنهالحاضر الغائبويرى هذا التجمع وسعيد به أيضا
تطلعت بسعادة للجميع وهم يتناولون الطعام بشهية مفتوحة وسط أحاديثهم الشيقة حتى فؤاد اندمج معهم بالحديث
سألتها منيرة باشتياق ظهر بصوتها 
مجبتوش يوسف معاكم ليه 
ده وحشني قوي ونفسي أشوفه
ابتسمت لتجيبها بمرارة 
محبتش أجيبه علشان ميسألش عن أهله
تأثر الجميع لأجل الصغير فجميعهم يعلم مدى تعلق الصغير بعائلته وعشقه لهمحمل وجدي إحدى الحمامات المحشوة بالفريك وقدمها لشقيقته وقال كي يلهيها ويمحو عنها حزنها 
كلي حمام يا إيثار
أشارت لصحنها وهي تقول 
قدامي واحدة يا وجدي
نطق عزيز بنبرة حنون تعجبت لها 
اللي قدامك محشية رز لكن دي محشية فريكخديها من إيد أخوك
ابتسمت وتناولتها من يد شقيقها برغم عدم الاشتهاء لهاتحدث عزيز إلى فؤاد
بصوت حماسي 
كل حمام يا باشاولا ملكش فيه
لا باكله عادي قالها ليتابع وهو يشير إلى طبقه بملاطفة 
بس اكيد مش هاكل أربعة 
نطقت نوارة بنبرة حماسية 
كل يا باشا بالهنا والشفادي أول مرة تاكل عندنا
نطقت منيرة وهي تتطلع إلى ابنتها بتعمق لعينيها 
إن شاءالله مش هتكون الأخيرة
ابتسمت بخفوت لوالدتها وتابع الجميع تناولهم للطعامليتحدث عزيز 
بعد الغدا إطبخي للرجالة اللي برة علشان يتغدوا يا نوارة
نطق فؤاد برفض قاطع 
متشغلوش نفسكم بالرجالة يا عزيزأنا بعت واحد منهم يجيب غدا من المركز القريب من هنا وزمانه جاب لهم
قالت منيرة بنبرة عاتبة 
ليه كده يا ابنيهو احنا قليلين في نظرك علشان تبعت تشتري لرجالتك أكل من برة! 
نطق بهدوء مبررا 
انا مقولتش كده حضرتكأنا بس محبتش أشغلكم بتجهيز الاكل وقولت تستغلوا الوقت في القعدة مع إيثار
واسترسل بنبرة هادئة 
ولما طلعت أكلم الباشا وأبلغه إننا هنباتخليت واحد منهم يروح يجيب غدا للباقي
انتهوا وحملوا الاواني للمطبخ واتجه الجميع لغسل أياديهم ثم توجهوا لغرفة الضيافة لتناول مشروب الشاي التي صنعته نوارة وأثناء تناولهم للشاي استمعوا لخبطات فوق الباب لتذهب نوارة ثم تعود بعد قليل وهي تقول بنبرة مرتبكة 
فيه واحدة برة عاوزة تقابلك يا إيثار 
ضيقت بين حاجبيها لتسألها باستغراب 
واحدةعوزاني أنا!
سألتها منيرة تحت نظرات فؤاد المدققة 
مين دي يا نوارة! 
صمتت قليلا قبل أن تنطق بتلبك 
مروة مرات حسين البنهاويومعاها بنت عمرو وسمية
لتسترسل بإبانة 
الأمن حاجزينهم برة وواحد منهم هو اللي خبط وبلغني
أوقفها الأمن ومرر على جسدها وجسد الطفلة جهاز كشف الأسلحة والمعادن ليتأكدا من خلوها قبل أن يسمحا لها بتخطي الحاجز الأمني الذي حدده المسؤل عنهم 
ارتبكت بجلستها لينطق فؤاد بحدة بعدما استمع للقب البنهاوي 
من فضلك بلغيها إن إيثار مش عاوزة تقابل حد 
وقفت إيثار وتحدثت إلى زوجها برجاء 
معلش يا فؤاد أنا هقابلهاده بعد إذنك طبعا 
اتسعت عينيه يرمقها بحدة لتتابع مبررة 
مروة شخصية طيبة مش زيهم وبعدين أنا معاكم ووسطكم
نطقت منيرة 
متقلقش يا ابنيمروة من عيلة محترمة وبنت ناس 
ثم وقفت وجاورت ابنتها لتتابع كي تطمأنه 
وأنا هطلع معاها علشان تطمن
اطمئن قليلا بوجود الحرس وتأكد من أن رئيسهم لن يسمح لها بالدخول لولا تأكده من الأمانخرجت إيثار لتجد مروة تقف بجوار الطفلة المتشبثة بثوبها تختبئ خلفها وكأنها حصنها المنيعاقتربت عليها تحت نظرات مروة المتفحصة لحال إيثار الذي تبدل وكأنها ترى أميرةنعم طالما كانت جميلة وبرغم فقرها إلا أن ثيابها كانت جميلة وأنيقة وبعد زواجها من عمرو تغير حالها للأفضل ولكن ليس بتلك الحالة التي عليها الان فقد أصبحت طلتها كالأميرات ونجمات السينما نظرا للمستوى المادي التي انتقلت إليه بزواجها من أحد الأثرياء تحدثت إيثار وهي تقترب عليها 
أهلا يا مروة
بسطت مروة يدها للمصافحة لتنطق بنبرة لإمرأة ظهرت بائسة حزينة لما أوت إليه 
إزيك يا إيثار 
أشارت لها منيرة لإحدى الغرف 
تعالي يا بنتي جوة
معلش يا خالتيانا جاية أتكلم مع إيثار كلمتين وماشية على طول قالتها پانكسار لتتابع وهي تنظر إلى تلك الصغيرة المنكمشة خلفها 
وجبت زينة معايا علشان تشوف أخوها وتسلم عليه
ازدردت إيثار ريقها وهي تتطلع بتمعن لما يظهر من تلك الصغيرة التي تحمل إثم والدتها على عاتقهافتلك هي حصاد التي تعرضت لها بأقسى طريقة زوجها وصديقة العمريا لها من ضړبة قاسېة أطاحت بحياتها بالكامل وأفقدتها الثقة في الجميع حتى بحالها لمدة ليست بالقليلة حتى تعافت وعادت لها ثقتها بحالها من جديدلم يظهر من الصغيرة سوى إحدى عينيها التي تتطلع بها من خلف جلباب مروة وكأنها تخشى مواجهة العالم نطقت إيثار بهدوء وهي تنقل بصرها إلى مروة 
يوسف مجاش معاياخفت يسأل عنكم ويطلب يزور
البيت
واسترسلت بتأثر ظهر بصوتها ونظرات عينيها الحزينة 
إبني لسه صغير على إني اصدمه وأقول له حقيقة اللي حصل مع عيلته
تألم داخل مروة ثم تحدثت 
أنا جايبة لك رسالة من حسين ومني أنا كمان
قطبت جبينها باستغراب لتتابع الأخرى بتوسل 
حسين طالب منك تسامحيه وتسامحي أهلهبيقول إن اللي حصل لهم ده كله بسبب لعنتك لعڼة ظلمك اللي كلنا شهدنا عليه وسكتنا 
أخذت الأخرى نفسا عميقا وتحدثت 
ربنا اللي بيسامح يا مروةأنا ربنا عوضني أنا وابني براجل محترم ونسيت معاه كل اللي فات وصدقيني لو قولت لك إني زعلت على اللي حصل معاكم
واسترسلت بجدية
دول مهما كان أهل إبني واللي يضرهم يضره
سألتها باهتمام 
يعني مش زعلانة مني ولا من حسين! 
هزت رأسها بنفي لتسألها باهتمام 
هو حسين معاكم هنا 
تنهدت پألم حين تذكرت حال زوجها لتقول بصوت متأثر 
حسين قاعد في مصر شغال هناك في شركةبيقبض مرتب ضعيف ولما ظروفه تتحسن هيبعت ياخدني أنا والولاد 
ثم تطلعت لتلك المختبأة خلفها 
وهاخد زينة معايا هي عايشة معايا عند بابا
هي أمها قالتها إيثار وقبل أن تكمل قاطعتها مروة لتنطق 
كانت عيانة عندها ورم في الرحم بعيد عن السامعينعملوا لها العملية وحكم الإعدام هيتنفذ فيها بعد بكرة
هزت إيثار رأسها بأسي لتتابع الأخرى بيقين 
ربنا جزاها على كل الأڈى اللي عملته في حياتهاالله يسامحها بقى 
هتفت منيرة بحدة وشراسة 
الله لا يسامحها لا دنيا ولا أخرة وينتقم منها بحق العيال اللي يتمتهم وكسرتهم 
نطقت مروة بكلمات حق 
مهي نسرين التانية مكنتش بريئة يا خالتي 
أشارت منيرة بكفها وتحدثت بأسى 
حسبي الله ونعم الوكيل فيهم هما الإتنينربنا يكحمهم في جهنم بحق ما خربوا بيت بنتي
هتفت نوارة باتساع عينيها المتعجبة 
لسة بتقول خړاب بيت بنتها!هو أنت يا خالتي مش شايفة حالة بنتك ولا جوزها سيادة المستشار إيش جاب لجاب
نطقتها بملامة ثم نظرت إلى مروة لتنطق بصوت جاد 
معلش يا مروة أنا لساني فالت ومبعرفش أسكت قدام الحق وبصراحة كده إيثار ربنا بيحبها إنه نجاها من العيلة الهم دي
قالت إيثار لإنهاء ذاك الحديث 
خلاص يا نوارةكل شئ انتهى وراح لحاله والكلام مبقاش ليه لزوم
تحدثت مروة وهي تستعد للرحيل 
يعني أطمن حسين يا إيثار 
أومأت لها وتحدثت بنبرة صادقة 
حسين طول عمره كان محترم معاياوعمره ما أذاني حتى بكلمهربنا يصلح حاله ويفك كربكم وتتجمعوا قريب
استمعت لصوت ذاك الحنون الذي خرج ليطمئن عليها بعدما فقد القدرة على الصبر أكثر من هذا لينطق 
الوقفة دي غلط عليك يا حبيبي
ما اروعه حين يقول كلمة حبيبيينطقها أمام الجميع دون أن يخجل بالعكسيشعر دائما بالفخر بامتلاكه لتلك الرائعةاقترب عليها لتنطق مروة بعدما شعرت بالخجل 
أنا همشي
قالت منيرة بنبرة هادئة 
هتمشي يا بنتي من غير ما تشربي حاجة
تطلعت إلى فؤاد الذي يخترق ملامحها بنظراته ليستكشف نواياها بحكم ما تعود عليه من خلال عمله لتنطق هي بارتباك 
مرة تانية يا خالتيمتشكرة يا إيثار
رفعت كتفيها لتنطق بنبرة صادقة 
على إيه بس يا مروة
تطلعت إيثار على تلك الصغيرة لتشعر بالأسى تجاههافقد جنى عليها والداها بمجيئها للدنيا بتلك الطريقة المهينةرحلت
 

133  134  135 

انت في الصفحة 134 من 138 صفحات