الخميس 19 ديسمبر 2024

حكاية بقلم ندى محمود

انت في الصفحة 47 من 202 صفحات

موقع أيام نيوز


كانت في بداية العقد الخامس من عمرها وجذبتها من حجابها صائحة بأسلوب الحواري التي ترترعت به 
عارفة لو سيرة أمي جات على لسانك ال ده تاني هكون قطعهولك أصل إنتي ست عايبة وبجحة ومفيس راجل عرف يحكمك
هرولت سيدات المنطقة كلهم وابعدوا مهرة عنها وهم يصرخوا بها بأن تتوقف بينما ام سلامة فصفقت بيديها بأسلوب منحدر وهي تهتف ضاحكة 

بدل ما تتشطري عليا روحي داري على فضايحك وسيرتك اللي على كل لسان دي 
صاحت بها سيدة متقدمة في العمر 
جرا إيه يا أم سلامة كفاية خلاص ميصحش اللي بيتعمليه ده 
ثم أمسكت بذراع مهرة تجذبها معها عنوة إلى خارج الحشد الذي تجمع على أثر المشاجرة العڼيفة بينما مهرة فكانت عبارة عن قنبلة موقوتة والسيدة التي تمسك بها هامسة في خفوت ولطف محاولة تهدئتها 
خلاص يابنتي اهدي وسيبك من كلام بدرية ما إنتي عارفة هي كدا بتحب تنكش في اللي رايح وجاي وتتخانق مع أي حد 
مهرة بحړقة 
إنتي مسمعتهاش بتقولي إيه
ياحجة أمينة ! 
سمعتها يابنتي بس انتي غلطانة مكنش ينفع تردي عليها أصلا وكنتي سبتيها ومشيتي 
يعني تغلط فيا وفي أهلي واسكتلها !! 
هرول إحد الأطفال خلفها وهو يحمل أكياسها ويقول بحب بريء 
خدي يامهرة الكياس بتاعتك ومتزعليش نفسك دي ست شعنونة 
هتفت أمينة بحزم وهي تجاهد في إخفاء ابتسامتها 
هات الكياس دي وامشي ياولا بلاش لسان طويل 
جذبت منه الأكياس واعطتها لمهرة وهي تقول بحنو وعذوبة 
خدي يلا يامهرة وروحي لجدتك يابنتي وفكي وشك كدا عشان فوزية متحسش بحاجة لأحسن ممكن يجرالها حاجة لو عرفت باللي حصل 
مهرة بابتسامة جميلة وهادئة 
حاضر ياحجة أمينة اطمني أكيد مش هقولها وشكرا بجد 
إنتي زي بنتي يامهرة متقوليش كدا
اقتربت منها مهرة وعانقتها بود ثم التقطت الأكياس منها وسارت متجهة نحو منزلها وهي تشد على محابس دموعها فما سمعته كان ثقيل جدا رغم أنها أظهرت القوة أمام الجميع 
داخل مقر شركة أل الشافعي تحديدا بمكتب عدنان 
يجلس على الأريكة الصغيرة المتوسطة في منتصف الغرفة وأمامه على منضدة قصيرة مجموعة من الملفات والأوراق الخاصة بالعمل منشغلا بها ومنكبا عليها منذ أن جاء يرتدي نظارته الطبية الخاصة بالقراءة ويمسك بيده قلم فخم يعمل به في تركيز انفتح الباب بهدوء بسيط وحرص من السكرتيرة الخاصة به التي كانت تحمل كوب قهوة له واقتربت منه دون أن تتفوه ببنت شفة بعدما أخذت التعليمات بعدم مقاطعته بتاتا أثناء العمل حتى لا تنل من بطشه نصيبا انحنت جزعة للأمام ووضعت الكوب بجواره على المنضدة ثم انتصبت في وقفتها وهمت بالاستدارة والرحيل لولا صوته الغليظ وهو يسأل دون أن يرفع نظره عن الأوراق 
آدم وصل ولا لسا 
ردت عليه برسمية شديدة وارتباك خصوصا أنها الأيام الأولى لها بالعمل 
لا يافندم لسا موصلش 
انتبه لنبرة الصوت المختلفة والغير مألوفة عليه فرفع نظره لها وحدقها بنظرة دقيقة
وقوية ثم تمتم بخشونة 
إنتي مريم مش كدا 
هزت رأسها بإيجاب في اضطراب واضح فالتقط أحد الملفات التي أمامه ومده لها وهو يهتف بنبرة صارمة وجدية يجيب عليها 
طيب وصلي الملف ده لمستر نادر وقوليله يخلصه خلال ساعة ويبعتهولي فورا 
التقطت منه الملف وتمتمت بالموافقة وهي تهز رأسها 
حاضر يافندم 
ثم استدارت واتجهت نحو الباب وانصرفت بينما هو فعاد يستأنف عمله لكن محفظة نقوده الخاصة الصغيرة سقطت من فوق المنضدة فانحنى ليتلقطها ولكنه رأى صورة تجمعه مع ابنته وجلنار كان محتفظ بها وسقطت من حافظته على الأرض وضع المحفظة على المنضدة والتقط الصورة ثم اعتدل في جلسته وتأمل في ملامح وجه صغيرته الذي يحملها على ذراعيه وهي تضحك بسعادة وشعرها القصير يتطاير من حولها بفعل الهواء أما جلنار فكانت ترتدي فستان طويل أبيض اللون وتضع فوق شعرها قبعة دائرية من اللون النبي حتى تحجب أشعة الشمس عن رأسها وتقف بجانبه وعيناها متعلقة على ابنتهم تنظر لها وتضحك معها بحب أما هو فما يتذكره أنه نظر لها وابتسم على ضحهكم ومن الواضح أن المصور قد استغل الفرصة وقام بالتقاط الصورة في هذا الوضع العائلي الدافيء 
كانت هذه الصورة منذ سنة ونصف تقريبا عندما ذهبوا لأول مرة في رحلة قصيرة لأحد المدن الساحلية مرسى مطروح وقضوا أكثر من أسبوع بها كانت إجازة ممتعة ولطيفة وسط زيارتهم لكل مكان في المدينة وحتى تسوقهم لمحلات الملابس والمحلات النسائية لم ينساها حيث حرص على أن تقوم بشراء كل ما تشتهيه مصرحا لها أن الاسبوع كان لها هي وصغيرته فقط في كل شيء وكل ما تطلبه هو أمر وينفذ وقاموا بالتقاط هذه الصورة أمام الشاطيء عندما كانوا يسيرون في الصباح أمام البحر ووجدوا بالصدفة شابا يحمل كاميرا
 

46  47  48 

انت في الصفحة 47 من 202 صفحات