حكاية كاملة بقلم رحاب إبراهيم
شكل ولاد عمك ما يطمنش! نظر اليها يوسف بضيق وهم انطردنا..مش هتشوفني تاني يا حميدو!! لأول مرة تغاضت حميدة عن ما يضيقها بمنادتها وكأنها رجل وانشغلت بكل تركيزها بالمصېبة الكبرى..تمتمت پصدمة _ اتطردت!! يعني مش هتكون هنا !! هز يوسف رأسه بنفي لأ طبعا..ده كمان أنا ممنوع ادخل هنا غير بعد سنة كاملة..معتقدش أن حتى بعد السنة انا ممكن اجي هنا تاني تركها واقفة ورحل..أصبح وجه حميدة شاحبا كالأموات بينما عندما خرجت من تيهتها لم تجده أمامها!! تلألأت الدموع بعيناها وركضت باحثة عنه وتخلت عن النظرة المنبعثة من الأعين بأستفسار هذه الأدمع بعيناها.. لا إله إلا الله دخل كل شاب سيارته وانطلق بالطريق دون حديث مع الآخر..بينما ركضت حميدة لخارج الشركة تتعارك مع الوقت لتلحق بيوسف..علها تنظر اليه وتشبع قلبها الذي انشق
وشعور مؤلم بأنها لم تراه مرة أخرى... عادت لمنزلها فلم تستطع المواصلة بالعمل..لاحظ عليها أبيها هذا الشرود ولكنها بالطبع لم تخبره وكيف تخبره وأي شيء تخبره به فهي أحبت ويبدو أنه من طرف واحد.. ولجت لغرفتها مباشرة..وارتمت على الفراش واجهشت بالبكاء _ كده يا يوسف!! في لحظة زي دي لو كنت بتفكر فيا ولو بسيط كنت على الأقل قلت حاجة..حتى لو سلام..لأول مرة اتمنى أنك كنت تعتبرني صاحبك وفراقي غالي عليك..مشيت وسيبتني وقررت تبعد كمان ولا همك!! .......بالمساء....... فتح جاسر باب شقته ليجد يوسف أمامه بوجه ممتقع ونظرة منكسرة فقال جاسر ادخل يا يوسف آسر ورعد هنا دلف يوسف وهو يتقدم خطوات للداخل بإنهزام حتى وقعت نظرته على آسر الجالس شاردا بغموض ورعد الذي يكور قبضته على ذراع المقعد وكأنه سيتشاجر مع أحد..أغلق جاسر باب الشقة وقال _ أنا ما اتصدمتش كتير..لأني عارف عمك وعارف أنه عنيد رد يوسف بضيق ما تخيلتش أنه يعمل فينا كده يعني مش بس من الشركة لأ من القصر كمان..صدمني فيه نهض آسر بنظرة متحدية _ أنا قررت أننا نتحداه..هو قال علينا فشلة وطردنا..فاكرنا هنرجع ونتذلل بس لو واحد فيكوا هيعمل كده مش هعرفه تاني.. نظر رعد بحدة وقال نتذلل!! ده مستحيل..أنا مش راجع القصر نهائي لا بعد سنة ولا بعد عشرين.. أضاف جاسر طب وبعدين!..اكيد محدش هيرجع يتحايل بس كمان ما تنسوش أننا عايشين من الفلوس اللي بيحطهالنا في البنك.. جلس يوسف محاولا التفكير بشيء فقال آسر بشكل حاسم _ خطوة كنت بفكر فيها وجه آوانها..أنا هفتح مكتب مقاولات صغير نقدر نشترك فيه كلنا لو نجحنا في خلال السنة دي هنرجع بعد سنة كل واحد ياخد نصيبه ويفتح مشروع ليه..اظن مافيهاش حاجة لو ضغطنا على نفسنا سنة واحدة بس ونسينا العز اللي عشنا فيه السنين اللي فاتت.. نظر يوسف له بأهتمام وقال فكرة هايلة أنا شايف أنها الحل الوحيد الللي قدامنا.. رعد بتأفف طب وشغلي! أجاب يوسف تقدر تواظب بين الاتنين..احنا هنكمل بعض ضيق جاسر عيناه بتفكير ثم سأل طب والمكان والموظفين! ورأس المال شرح آسر عمك هيقدر يتحكم في الأرباح اللي لسه هيبعتها البنك لكن حسابنا ده خاص بينا.. جاسر بسخرية رصيدنا كلنا كام يعني انا عن نفسي مصرف جدا ويدوبك اللي كان بيتحط كان بيقضيني واظن انكم زيي!! عمي وجيه عرف يلعبها صح للأسف.. قال يوسف بحماس نبيع عربيتنا مانسيبش بس غير واحدة لينا كلنا..والشقة دي ممكن جدا تبقى المكتب..٣ أوض مكاتب والمكتب الرابع هخليه في الصالة هنا مش مشكلة..انا هرتبلكم المكان قال رعد بتفكير فكرة مش بطالة..معنديش مانع طالما شغلي مش هيتأثر.. رفع جاسر حاجبيه بذهول شقة ايه اللي هتبقى مكتب !! اومال هنقعد فين! أنا لحد الفكرة وموافق لكن أن شقتي تبقى مكتب فأسف..مقدرش وقف آسر بعصبية وقال ومافيش ميزانية معانا تكفي أننا نشتري أو حتى نأجر!! لو عندي شقة كنت استخدمتها فورا يا جاسر..وأنت بالذات محتاج تثبت لعمك أنك مش مستهتر وفاشل وبتاع بنات..ارجوك ..اررررجوك وافق متوقفش الموضوع كله على حاجة زي دي.. قال يوسف بلطف فكر يا جاسر لما ننجح هيكون شكلنا ايه قدامه..فكر أنه وعد لو رجعناله ناجحين هيتنازل عن منصبه وساعتها انا عن نفسي مش هقبل يتنازل لأنه عمي برضو وماحبش انه ينهزم لكن هنسحب وانا ناجح ومش خسران..أنا عجباني فكرة آسر جدا وموافق عليها.. رد رعد بموافقة وانا كمان موافق زفر جاسر بغيظ وقال هي جت عليا يعني..خلاص موافق! الله أكبر مر أكثر من أسبوعان في تحويل الشقة لمكتب على هيئة شركة صغيرة..وقف يوسف بابتسامة متسعة بالردهة التي رتبت بالمقاعد الجلدية ومكاتب على أطرافها وقال كده تمام أوي جاهزة على الشغل.. جلس آسر بعدما انهى عدة أتصالات تخص بعض العملاء التي عرض عليهم العمل ووافقوا على مضض وقال _ هنتعب شوية في الأول بس أنا حاسس اننا هننجح ابتسم له يوسف وقال فاضل بس نجيب طقم سكرتارية وساعي للمطبخ وكده تمام.. أجاب آسر بتحذير فكرتني..كويس أن جاسر ورعد مش هنا..بخصوص طقم السكرتارية..أنا عايزهم رجالة مش بنات حملق يوسف به بدهشة رجالة!! وولاد عمك هيوافقوا ! مستحيل عقد آسر حاجبيه وقال لو جبت بنات فتأكد اننا مش هنشتغل وانت عارف طبعا جاسر ورعد !! جلس يوسف بجانبه مفكرا وقال بالنسبالي فعارف أنا هجيب مين لكن المشكلة في الباقي! ضيق آسر عيناه لدقيقة ثم قال فجأة _ لقيتها..مش هنجيب رجالة..بس عايز سكرتيرات يعني...زي حميدو كده.. احتدت نظرة يوسف وهتف وبتجيب سيرتها بالغلط ليه بقى دلوقتي هز آسر رأسه بنفي وقال ما غلطش يابني بالعكس..النوعية بتاعت حميدة دي مستحيل جاسر أو رعد يبوصلها...عشان لو جبت رجالة فبأكدلك أنهم مش
هيعدي من غير مشاكل.. صمت يوسف مفكرا وقال خلاص..انا هسيب المهمة دي لحميدة بقى. الحمد لله دلفت حميدة والهالات السوداء تحت عيناها من كثرة البكاء طيلة الأيام الفائتة الى مكتب وجيه الزيان بناء على طلبه..دلفت حتى أصبحت أمامه وتفحصها بشك قدمتي استقالتك ليه! صمتت حميدة ونظرت للأسف وودت لو القته من النافذة حتى عاد حديثه بحدة _ عشان يوسف مشي صح أوك..استقالتك مقبولة...برا نظرت له پغضب اتيح له الفرصة بما انها قد طردت _ أنت مش بني آدم!! في حد يطرد ولاد أخواته بالمنظر ده ! أنت أزاي مش قلقان عليهم ! أزاي بيجيلك نوم! أطرق وجيه على مكتبه پغضب وأشار لها لتخرج _ أخرجي برا قبل ما ابعتلك الأمن يخرجك!! أنتي مين عشان تكلميني بالشكل ده ! تعرفي ايه عني أخرجي برا قبل ما اتهور نظرت له بكره وقالت _ انا اللي قدمت استقالتي لأني ماحبش اشتغل عند واحد مايعرفش يعني ايه رحمة!! سلام خرجت حميدة من المكتب وصفقت الباب خلفها بكل قوتها وعن قصد ثم التقطت حقيبتها سريعا وركضت للخارج.. انسابت دموعها على خديها بغزارة..اشتاقت له پجنون وتمنت أن ترى حتى طيفه..حتى كادت أن تصعد لحافلة بالطريق فرأت بائع الذرة المشوى على الرصيف..تذكرت أن يوسف يحبه كثيرا غمرها الحنين رغما عنها فذهبت لتبتاع من البائع..فما أن انتهت حتى اخذ يوسف ما بيدها بضحكة عالية _ حميدووووووو...واااااحشناااااي تسمرت حميدة للحظات ثم اتسعت ابتسامتها ببطء وصدمة وهي تردد ي..يوسف!! قضم يوسف من كوز الذرة بنهم وقد عادت النظرة المرحة الطفولية لعيناه وملامحه الوسيمة فأجاب هو بعينه..تعرفي..من يوم ما سيبت الشركة ومابقتش أشوفك..وانا باكل برضو اتسعت ابتسامتها ووظت لو تبكي وترتمي بين ذراعيه فتابع بضحكة بس من غير نفس والله يا حميدو قالت بحدة برضو حميدو! أجاب يوسف بعفوية أنا بعتبرك صاحبي..عشان خاطري سبيني كده والله ببقى مرتاح كده..شوفتي كنت هنسى..عايزك في موضوع مصيري.. دق قلبها پجنون فأي شيء أتى اليه مخصوص! قالت بخجل وتوتر موضوع ايه شرح يوسف الأمر لتنسحب فرحتها المؤقته رويدا ولكن تبقى شيء جعلها تطمئن أن يريدها معه بمكان آخر اخترها هي لا غيرها ! قالت بنظرة عاتبة أنا قدمت استقالتي النهاردة.. وأضاف _ طب والباقي انا عايز ٣سكرتيرات زيك بالضبط يعني اقصد ا قاطعته فقد فهمت مقصد من التواء الحديث فهماك..تقصد عايزهم نسخة من حميدو ابو اربع عيون لوى شفتيه بتذمر وقال مش اقصد ازعلك والله أنتي الوحيدة اللي جيتي في بالي وعقلي وقف عليكي والله.. جملته اربكتها واسعدتها بآن واحد فقالت بحماس سيب الموضوع ده عليا..بس اديني اسبوع كمان وعايزة لاب توب يوسف بتساؤل ليه! أجابت فريدة عشان اعلمهم شوية حاجات كده قبل المقابلة وافق يوسف على الفور فقال ماشي..بكرة زي دلوقتي نتقابل هنا صل على النبي عادت حميدة للمنول والسعادة تغمرها ثم ذهبت للفتيات مباشرة لتخبرهم...بعد شرح ومناقشة ابتسمت رضوى وقالت _ ايه ده بقى اطلب من ربنا شغلانة حلوة تقوم الأمنية تتحقق بالسرعة دي! جميلة بقلق بس احنا برضو تعليمنا على ادنا يا حميدة! سما وهي تسير بخطا متمايلة اكيد هقابل فارس الأحلام بقى وهعيييييش.. هتفت حميدة بها أنتي بالذات قلقانة منك يابت! اركزي شوية وبعدين المطلوب مننا كلنا واولهم أنا..اننا مانتعاملش غير جد أو اكتر شوية.. عقدت رضوى حاجبيها وتساءلت بدهشة يعني ايه! وقفت حميدة أمام الفتيات بنظرة متفحصة وهي ترفع إطار نظارتها الطبية على أنفها وقالت _ يعني الصوت الناعم ممنوع..الابتسامة ممنوع النظارات ما تتقلعش احنا نعتبر في الجيش.. ليه بقى نظرت للفتيات تراقب تعابيرهن فلاحظت المقت والوجوم على ملامحهن فأضافت _قولتولي ليه..عشان أي مياعة أو رقة الجيش هيتقلب لكافيه على النيل وأنا بصراحة بحب كده بسسسسس مش وقته خالص ماينفعش نحب حد فيهم ماينفعش نعاملهم على أننا بنات عشان جاسر ولا رعد ولا حتى آسر لو حاسوا برقتكم يبقى هالله هالله على اللي هيحصل انما يوسف ده أصلا تنين صغير عايش واتولد في صنية بطاطس ومش عارف يطلع منها..اللي هشوف سنانها وهي بتضحك هديها بضهر إيدي على خلقتها.. اللهم حسن الخاتمة
حميدة وهي تجلس على الفراش
هعيد تاني..أولا لو على موضوع السكرتارية بس
فأكيد يوسف ماكنش كلمني