حكاية وصيتي انك تتجوز بنتي
من شدة قلقه عليها أثناء غيابها فلأول مرة تكون هي موضعه وحينها عذرها حين يتغيب ولم يطمئنها تنهد تنهيدة مضطربة وهو ينظر لها أثناء تسطحه بجانبها داخل الفراش فكان يسند ظهره على جذعه ويدعم رأسه بأحد كفوف يده والأخرى ينفث بها دخان
سيجارته حانقا وهو يستغرب كونها تغط في نوم عميق قبله فهي على غير طبيعتها بتاتا اليوم ولذلك السبب تحديدا داهمته الشكوك بشأن علمها بأمر الآخرى ولكن وجد ذاته يستبعد الأمر ويرفض عقله حتى التفكير في احتمالات حدوثه ليطفئ سيجارته داخل المنفضة أعلى الكومود ويضع حانية اعلى رأسها هامسا بأخر شيء توقع أن يصدر منه
اوعي تسيبيني يا رهف
لايعلم لم تفوه بذلك ولكن شيء ما كامن بداخله يخبره أنه يكن الكثير لها ربت على خصلاتها وطالعها بنظرة نادمة مغلفة بشيء من تأنيب الضمير ثم وجد ذاته وكأنه يكتمل بها كي ينفض شيطانه و يعاند هواجسه وينقم عليها.
أما هي كانت تدعي النوم وتشعر بكل ما يصدر منه ولكنها كانت منهكة في التفكير تسترجع احداث الصباح فمع اول خيوط النهار وجدت ذاتها تود ان تفر تروح عن ذاتها ورغم أنها لا تحبذ أن تطلع أحد على اسرار بيتها كي تحافظ على صورته ولكن تثاقل العبء عليها وشعرت انها بأمس الحاجة أن تبوح ويشاركها أحد ويقوم بنصحها ولطالما كانت تثق في سعاد وبحكمتها ولذلك توجهت لها دون أن تدع مجال للتراجع فقد قصت عليها ما حدث و استمعت سعاد لها بكل اهتمام إلى النهاية ولكن بالطبع حيائها منعها من ذكر الكثير وسعاد لم تضغط عليها بل تفهمتها وهدأت من روعها حتى انها انصاعت لرغبتها وانكرت وجودها حين هاتفها يسأل عنها ونصحتها بالأخير أن تتروى في الحكم عليه فهي للآن تجهل هوية الأخرى وتجهل نواياه بشأن أخبارها وكم اراحها الأمر حين واستها
ولذلك وجدت ذاتها
تستغل أنه استغرق في النوم وتنهض بحذر شديد من الفراش وتتناول هاتفه المغلق و تتوجه به لخارج الغرفة وهي تقسم أن قلبها سيسقط بين قدميها من شدة توترها اتخذت أحد الأركان المظلمة بزاوية ردهاتها مخبأ لها وكم كانت أناملها ترتجف وهي تضغط على زر تشغيله ثوان معدودة وصدق حدثها حين وجدته يؤمن شاشته برقم سري لتترقب پذعر حقيقي وهي ټلعن تحت انفاسها فلم تتوقع كونه حويط لذلك الحد وكيف تفعل وهي لم تبحث خلفه قط وتثق به ثقة عمياء.
بتعملي ايه عندك يا رهف
صوته أوقف قلبها وجعل الډماء تهرب من اطرافها ولكنها لملمت شتات نفسها ودست بحركة بديهية هاتفه بجيب منامتها وقالت بثبات بالكاد اجادته وهي تضع يدها تجفف دمعاتها متظاهرة انها تتفادى الأضاءة القوية التي اشعلها لتوه
كان يفرك عينه بنعاس ولم يلحظ هيئتها ولذلك أجابها
رايح الحمام
اومأت له بهدوء عكس انتفاضة دواخلها وحزن عيناها مما جعله كي يستشف ما بها وهو ينحني بجذعه عليها و يكوب وجنتها بين يديه
انت كويسة ....تعبانة او
حاسة بحاجة
أيهمك أمري الآن تبا لتبجحك ....كيف استطعت خداعي لذلك الحد وكيف كنت غافلة انا عن خطيئتك بحقي...ذلك ما كانت تفكر به ولكن ما نطقت به كان
صدر سؤالها بنبرة مهزوزة ضائعة وهي تبحث داخل بنيتاه عن شيء يخصها... أو ربما شيء يخفف ذلك الألم اللعېن التي تشعر به الآن ينخر قلبها.
يعلم ان سؤلها متكرر ولكن لا يعلم لم شعر بالريبة الشديدة منه تلك المرة ولذلك قرر أن يطمأنها بتلك الكلمات التي لم تخمد ألمها بل ألمتها أكثر
أنت أم ولادي وعشرة عمري يا رهف ازاي مش بحبك ....اكيد طبعا مش محتاجة سؤال يعني
لم بربك لم تنطق بها دون تلك المبررات الاعتيادية خاصتك...لم لم تخبرني إياها مفعمة بالحب مع نظرة حانية من عينك انا بأشد الأحتياج لها الآن.
استراب من شرودها وانقبض قلبه حين راودته تلك الأفكار مرة آخرى ولذلك توتر و سألها بعيون زائغة مترقبة
رهف ....مالك النهاردة مش طبيعية ليه
فاقت من ذلك الصراع بداخلها على سؤاله من جديد لتتدارك الأمر وتهز رأسها بأن كل شيء على ما يرام
يعلم انها لطالما كانت صادقة معه واضعف بكثير أن تخفي اي شيء عنه ولذلك وجد نفسه يبتسم لمستواه و بلطف قائلا ببعض من تأنيب الضمير
أنا عارف إني كنت عصبي اوي الفترة اللي فاتت وضغطت على أعصابك سامحيني و حقك عليا... كان ڠصب عني...اناااا...
انحصر الحديث بحلقه ولا يعلم بما يبرر لتربت هي على ظهره بتفهم وبملامح شاحبة تحاكي المۏتى قائلة بثبات بالكاد اجادته
متحاولش تبرر ...انا فاهمة كل حاجة
أخرجها من بين يده ببسمة واسعة وقال وكأنه يمن عليها بمشاعره
بحبك...
ابتسمت بسمة باهتة لم تصل لعيناها وكأنها فقدت شغفها بمشاعره ليهمس هو
بعبث ليس بمحله ابدا قبل أن ينهض و يتوجه للمرحاض
استنيني في اوضتنا عشر دقايق مش هتأخر عليك
أومأت له وعادت لغرفة نومهم بخطوات وئيدة متعثرة وقبل أن تغلق هاتفه من جديد لتعيده لموضعه كانت تسجل الرقم على هاتفها وما أن انتهت وضعته كما كان و تمددت على الفراش وهي تحمد ربها انه لم ينتبه لفعلتها جسدها بذراعيها وتهمس لذاتها كي تحفزها على ما هو قادم بعيون تفيض ألم وبقلب مدمي ډم
انا قوية...قوية...مش هنهار... أكيد .....اكيد مش هيعمل فيا كده... مش هسيبها تاخده مني ...اهدي يا رهف وافتكري ولادك لازم تبقي قوية علشانهم ...كانت تجاهد ذاتها كي تظل على ثباتها و لا تشعره بشيء حين عودته ورغم هشيم دواخلها إلا أنها بالفعل تمكنت من ذلك ببراعة
أما في صباح يوم جديد داخل الحرم الجامعي
فقد كانت نظراته وبسماته العابثة تصدر كل حين وأخر لها اثناء يومهم الدراسي مما جعلها تشعر بالحنق منه وكم أرادت أن توبخه على غبائه فهو يكاد يفضح أمرهم بحركاته الصبيانية تلك
زفرت وهي تهبد كتبها اعلى الطاولة داخل كافتيريا الجامعة وجلست تنفخ أوداجها بقوة بمزاج عكر للغاية بفضل ذلك الغبي الذي يجلس على بعد منها وعينه لا تفارق موضعها وكم اغضبها ذلك وجعلها حقا تسأم منه
مالك يا نادين سرحانة في ايه
قالتها نغم باهتمام صادق وهي تجاورها وتتبع مرمى بصرها مما جعل نادين تجيبها بتوتر
مفيش موضوع تافه متشغليش بالك
لاحظت نغم ما بها وألتقطت نظرات الآخر التي تظهر بوضوح أمام الجميع مما جعلها تقول بانفعال
الحيوان اللي هناك ده هو السبب مش كده
نفت نادين برأسها ونظرت إلى ما تشير إليه نغم بعينها وثأثأت بتوتر
هاااا قصدك طارق... لأ
زفرت نغم وأخبرتها بفطنة
اصله بجح وعينه متشالتش من عليك وبرغم انه عارف انك مكتوب كتابك وفي عصمة راجل لكن معندوش ذرة نخوة ولا رجولة
ابتلعت نادين رمقها بوجل وأجابتها تدعي عدم الاكتراث
وانا مالي هو ميشغلنيش اصلا
تنهدت نغم وربتت على يدها المسنودة على الطاولة قائلة بثقة ليست ابدا بمحلها
انا بثق فيك وعارفة انك ذكية ومش هتغلطي ابدا انا بس واجبي إني أنبهك الولد ده سمعته وحشة وكل الجامعة بتتكلم عن مغامراته وكفاية اللي عمله في صحبتك
ثقتها التي تفوح من حديثها جعلت نادين تشعر بالخزي من نفسها حتى أن ملامحها قد تهدلت بحزن بين ذكر نغمبتلك الطفلة البائسة ذات الضفائر الطويلة التي فقدت والدتها مما جعلها تنتشلها بقولها المتلهف
نادين مالك انت كويسة
أومأت لها نادين ببسمة باهتة تقاوم ذلك الشعور الذي داهمها متسائلة
صحبتي مين
ميرال نسيتيها ولا ايه والله البت دي صعبانة عليا جدا ولما بشوفها قلبي بيوجعني
شيء ما هناك بأحشائها حثها على التساؤل مرة أخرى
ليه مالها ميرال
تنهدت نغمواسترسلت بكل عفوية
البنت علطول قاعدة لوحدها وكتير بنات بيشفوها في الحمام بټعيط ده غير أن محدش سيبها في حالها وأولهم سي زفت ده من يومين كان بيرخم عليها وفرج عليها كافتريا الجامعة كلها وكل واحد ترجم الحكاية على مزاجه وطبعا هو مش خسران
حاجة بس البنت المسكينة دي من ساعتها مظهرتش واكيد علشان عارفة ان سيرتها بقت على كل لسان
زاغت نظراتها تجاهد بقايا ضميرها وتساءلت مستغربة بنبرة مهزوزة بعض الشيء
ليه متعاطفة معاها مش يمكن زي ما بيقولوا عليها
نفت نغم برأسها وقالت بفطنة وصلاح نية
معتقدش وحتى لو ربنا يهديها بس عارفة رغم أنها من الشلة اياها إلا أن احساسي بيقولي أن جواها كويس ومحتاجة بس حد ياخد بأيدها وبعدين ربنا ما بيفوتش و كل اللي بيتكلموا عنها ممكن يبقوا مكانها في يوم من الأيام
كانت مع كل كلمة تطعن بها دون قصد حتى أنها أيقظت بحديثها ضميرها الكامن بعيد يتوارى خلف تمردها وعنجهيتها مما جعلها تشعر بالحنق من ذاتها فماذا