حكاية كنت معاها بقلم الكاتبة شهد محمد جادالله
هي مالكته
سرحتي في أيه
أنتشلتها جملته من شرودها مما جعلها تحاول نفض تلك الأفكار التي تؤلمها وتشعرها بالخزي من نفسها ثم أبتسمت بسمة باهتة لم تصل لعيناها وطلبت أول شيء جاء بخاطرها
أنا عايزة أروح أشوف البحر
أومأ لها ببسمة دافئة و وعدها بذلك قبل عودتهم
أما عن صاحبة الفيروزتان فقد ظلت ملازمة غرفتها وقد قررت أن تعود
حقا تشعر أنها على حافة الجنون من تناقضه وكم حاولت أن تجد تفسير لكل ذلك ولكن دون جدوى فكان صراع محتد يقام برأسها ولا تستطيع ردعه حين تعالى رنين هاتفها بنغمة تخصصها لرقمه وعندها كفكفت دمعاتها وهرولت بلهفة عارمة تتناول هاتفها وهمست بصوت مازال يحمل أثار البكاء
أتاه الرد من الطرف الأخر مخالف لكل توقعاتها
أنا شهد يا ميرال أنا خليت طمطم تاخد منه التلفون بحجة اللعب علشان أكلمك وبصراحة أنا عندي علم باللي حصل بينكم
أفتكرتك هو
هو حالته صعبة يا ميرال من ساعة ما مشيتي وهو قافل على نفسه ومش عايز يتكلم
هو ليه بيعمل فيا كده يا شهد أنا بحبه والله بحبه ومش هعرف اعيش من غيره
كانت تشعر بالتشتت والضياع في آن واحد فكيف لتلك القناعات والهواجس التي عششت بداخلها لسنوات أن تندثر بيوم وليلة وتدرك كونها جميعها بالية حقا الأمر يصعب عليها تصديقه او استيعابه دفعة واحدة فمن ناحية والدته التي لم تخدع ابيها كما اعتقدت وتزوجته برغبة من والدتها ومن جانب أخر علمها بمرض والدتها واستسلامها وكون كافة الخلافات التي كانت تدور بينها وبين أبيها جميعها كانت لأجل أن تخضع للعلاج وليس كما اعتقدت هي أما هو فقد أدركت كونها كانت تتحامل عليه هباء وتتجاهل مشاعره وعطائه ولا تقدر احتوائه لها في سبيل ذلك الأنتقام اللعېن الذي لامحل له من الصحة وكم لعنت ذاتها على غبائها فاليوم اقتلع كافة قناعاتها وأثبت لها دون قصد أنه لن يطمع بها ولا بأموالها بل أن أملاكها عبء ثقيل على كاهله
صمتها واراد أن يعطيها مساحتها الخاصة ولا يتطفل عليها فقط كان يجاورها يستمتع بتلك اللفحات الباردة التي تثلج قلبه المولع بها رغم كل شيء فنعم اندثر غضبه وحاول أن يتناسى كل ما مر به معها سابقا فوالدته أخبرته بدوافعها ورغم أنه كان يود أن يعاتبها بشأنها ولكنه فضل أن تبادر هي عندما تكون مستعدة لذلك وبالفعل توقعه كان بمحله حين همست هي
تناول نفس عميق وأجابها
اه كنت عارف
لتعاتبه هي
وليه مقولتليش
نظر لها وقال بنبرة رغم ثباتها ولكنها استشفت بها عتاب خفي
علشان عمري ما جه في بالي أن تفكيرك يوصل بيك لكده ولا كنت اتخيل انك تظني في أمي ظن سوء رغم كل اللي عملته علشانك
زاغت نظراتها ونكست رأسها وبررت وهي تشعر بالخزي من ذاتها
بس أنا مكنتش أعرف بمرض أمي ومكنتش اعرف بالتفاصيل دي كلها
لتغمض عيناها بقوة وتوضح دوافعها قائلة
أنا كل حاجة كانت مفروضة عليا وأولهم فراق أمي وسكوت ابويا حتى أنت كنت مفروض عليا علشان كده کرهت حياتي ونقمت عليها واتمردت عليكم
لتتنهد بتثاقل وتضيف سبب خزيها مسبوق بدمعاتها
بس طلعت غبية وظلمتكم و عارفة انكم کرهتوني وعمركم ما هتسامحوني ابدا
كانت تتحدث ومع كل كلمة دمعة حاړقة تهطل من عيناها وهي حقا ټلعن غباءها وټندم على كل افعالها المخزية بينما هو وقف مواجه لجلستها وكوب وجهها قائلا بنبرة حنونة متفهمة لأبعد حد
ششششش اهدي دموعك بتقتلني يا نادين انسي وارمي اللي فات ورا ظهرك وافتحي صفحة جديدة مع نفسك وإذا كان على أمي هي بتحبك ومش زعلانة منك ومهما عملتي مش هتكرهك علشان محدش بيكره ولاده
وأنت
اللي يحب ميعرفش يكره ومبيعرفش غير يسامح وقولتلك قبل كده أنت الروح لروحي يانادين و وجودك هو دليل حياتي
حانت منها بسمة مټألمة من بين دمعاتها وهي تشعر أن ذلك الحب الذي يفيض من عينه و يشع من حديثه هي ليست جديرة به ولا تستحقه بالمرة فيكفي أنها تذكرت ذلك اللعېن طارق وما أقدمت عليه في سبيل انتقامها وهواجسها الواهية لذلك همست بخزي من ذاتها وبنبرة مرتعشة واهنة يحفها الندم
بس انا مستهلش حبك
انا مستهلش حاجة ابدا يارتني مۏت مع أمي ولا كنت عملت كده فيك وفيا
بعد الشړ عليك إياك أسمعك تقولي كده تاني
نكست نظراتها ولم تستطيع مواجهته ولكنه باغتها صارما وهو يثبت رأسها لأعلى كي يرى عيناها بوضوح
بصيلي وبطلي عياط أنت قوية وعمري ما هسمحلك تضعفي وانا جنبك أنت مش وحشة ومش
معنى أنك غلطتي تبقي متستهليش كلنا بنغلط ومحدش معصوم من الغلط وكلنا نستاهل فرصة تانية أنا كمان غلطت و عايزك تسامحيني كنت غبي عمري ما حاولت اعرف سبب نفورك مني وكرهك لأمي وكان كل اللي شاغلني ازاي اكبح تمردك واقف قصاد عنادك ومجاش في بالي ان ممكن يكون ليك دوافع وكل اللي بتعمليه ليه سبب أنا بجد آسف لو اتعمدت اخوفك واهددك بس صدقيني كان غرضي أخليك بوجودي جنبك وتحسسيني إني
الوحيد القادر على حمايتكوآسف كمان علشان خليتك تخافي مني
اندثر نحيبها وظلت تطالعه بنظرات مغلفة بالحب وصافية لا تحمل أي ضغينة لأسبابه التي عددها ليستأنف هو حديثه بنبرة واهنة مټألمة تنم عن أن ما سيصرح به أكثر شيء لا يتمنى حدوثه
بس اوعدك عمري ما هكرر أخطائي تاني ولا هفرض نفسي عليك والقرار لسة بإيدك وأنا عارف أنك تقدري تتخطيني وتبدئي من جديد
أنت فعلا غبي علشان مقدرتش تفهم إني كنت بعاند نفسي وبكابر علشان مستسلمش لحبك أنت كنت السبب في الحړب اللي كل يوم تقوم جوايا بين عقلي اللي رافض سيطرتك وسلطتك عليا وبيدور على أي طريقة يتمرد بيها عليك وبين قلبي اللي عصاني و حبك
كان يستمع لها بملامح مشدوهة غير مستوعب كونها تكن له المشاعر وتعترف الآن بكل طواعية بحبه فكان الأمر يصعب عليه استيعابه لذلك تساءل بترقب
قولتي أيه
أجابته بصدق وبنبرة حالمة مغلفة بالمشاعر وهي تمرغ وجهها بكف يده كالقطط بوداعة
لو كان الزمن رجع بيا تاني كنت هختارك أنت أنا بحبك يا يامن بحبك
دمعت عيناه وكاد يظن انه يهيأ له ولكن نظراتها الصادقة التي تفيض بالحب جعلته يتيقن من كون الأمر ليس من نسج خياله فكان يشعر انه لامس السماء من شدة سعادته حتى أن قلبه كان يرفرف بين أضلعه كالطير الذي أطلقوا سراحه احتفالا بسلام موطنه
ياااااااه أخيرا أنا مش مصدق يا قلب يامن قوليها تاني وتالت ورابع عايز اسمعها أنا عايز الدنيا كلها تسمعها معايا
أبتسمت هي تلك البسمة الآسرة التي طالما أوقعته بها وقالت عندما توقف عن دورانه دون أن يجعل قدميها تلمس الأرض
بحبك يا مچنون
قلبي هيقف ياعاااااااالم قالت بتحبني نادين بنت الراوي اعترفت وقالت بتحبني بتحبني أناااااااا
كان يتحدث پجنون وبنبرة هستيرية وكأنه فقد صوابه من شدة سعادته فقد نال لتوه تلك الكلمة التي ستحرر قلبه الأسير وتجعله يطلق العنان لتلك المشاعر الجامحة التي كان يكبح الكثير منها
كي لا يتحايل على مشاعرها بينما هي تشبثت به وهي تشعر بشعور رائع لا يضاهيه شيء قط
فكانت لحظات حالمة مفعمة بالرومانسية جعلتهم يهيمون بها متناسين كل شيء غير عابئين بتجمهر المارة حولهم و تعالي الهمهمات بينهم ولكن عندما لاحظت هي همست
ڤضحتنا يا مچنون
بلاش سوء نية يا جماعة والنعمة مراتي محدش يفهمني غلط
تعالت ضحكات كل من كان يحيط بهم فمنهم من تمنى لهم صلاح الحال ومنهم من أخذ يتمنى لهم السعادة الدائمة ومنهم من كان يصور ما حدث تخليدا لذلك المشهد الفريد
فقد أخفت وجهها بكتفه من شدة الحرج حين وكأنه أراد أن يكلل تلك اللحظة الحالمة لتطبع بذاكرتهم للأبد قبل أن يصحبها ويغادر المكان بينما هي كانت تحمد الله كونه منحها فرصة أخرى كي تبدأ من جديد وأزال تلك الغشاوة عن عيناها فتقسم أنها لن تستسلم لشيطانها مرة أخرى فقد أدركت أخيرا أن خطيئتها لم تكن بريئة ولم تكن مبررة كما كانت تعتقد بل كانت أثمة ويتوجب عليها أن تتوب عنها وتطلب الغفران من ربها قبل أن تودي بها وتجعلها تخسر أكثر شخص يعني لها و لا تتمنى خسارته
أما عن ذلك الساخط صاحب الحالة المذرية فقد مر عليه الليل بصعوبة بالغة لدرجة أنه كان يشعر أن حتى الوقت يتأمر عليه ويرفض أن يمر ولكن حين اتى الصباح ومر عليه أربع وعشرون ساعة كاملة حمد ربه كونه سيرى النور مرة أخرى وقبل ترحيله إلى النيابة كي يتم التحقيق معه استغل تلك المكالمة التي يمنحها روح القانون للمحتجزين وهاتف يامن كي ينجده ويجلب أحد ينوب بالدفاع عنه ولكن لم يتمكن من التواصل معه لذلك اضطر أن يهاتف منار ويخبرها بما حدث ويطلب منها أن تبعث له محامي كي يؤازره ويلحق به لسرايا النيابة وبالفعل بعد يوم طويل بين تحقيقات وإجراءات روتينية استنفذت طاقته بالكامل تم إخلاء سبيله بضمان محل إقامته لحين النظر بالقضية التي حدد لها جلسة بعد شهر من تاريخه
فقد عاد لمنزله بملامح منهكة يجر أذيال الخيبة خلفه حين استقبلته منار حانقة
ممكن أعرف انت ازاي تخبي عليا حاجة زي دي
لم يجيبها بل كان يطالعها بعيون غائرة متخاذلة يستغرب كيف تناست أن تتسأل عن حاله أولا قبل ان تغدقه بتلك الأسئلة المقيتة خاصتها لذلك همس بعتاب وبنبرة لائمة
طيب مش تطمني عليا الأول يا منار
قلبت عيناها
و تأففت قائلة باستخفاف وبلا مبالاة ذكرته بمواقف مشابهة
افففف هيكون حصلك إيه يعني!
كادت ولكن اقشعر وجهها ووضعت يدها على فمها قائلة بتقزز وبنبرة مشمئزة جعلته يود أن تنشق الأرض وتبتلعه بجوفها
يععععع إيه القرف ده ريحتك بشعة
كان يظن أنها ستتلهف عليه ولكنها نفرت منه ولم تكلف ذاتها حتى أن تتصنع الأهتمام من أجله لذلك تحرك بخطوات وئيدة متخاذلة وقال بصوت منهك وهو يتخطاها للداخل يقصد المرحاض
اعمليلي حاجة تريح معدتي وياريت تحلي عن دماغي