حكاية كنت معاها بقلم الكاتبة شهد محمد جادالله
على طول
اتسعت بسمتها وقالت
ربنا يخليك ليا يا بابي وميحرمنيش منك
ده ايه الحب ده كله
قالتها دعاء متهكمة وهي تنضم لهم لتخبو بسمة ميرال وتقول ا
تصبح على خير يا بابي
احتدت نبرة دعاء وقالت متهكمة من تجاهلها لها في
الآونة الأخيرة
إذا جاءت الملائكة فرت الشياطين ولا ايه يا ميرال
حانت من ميرال بسمة ساخرة وأخبرتها وهي تتخطاها كي تصعد لغرفتها
نظرت دعاء لآثارها بغيظ وقالت بحدة لزوجها
عجبك كده خليك مدلعها ومقويها
هز فاضل رأسه بعدم رضا وأخبرها بدفاع قوي نابع من عاطفته الأبوية
دي بنتي الوحيدة اللي طلعت بيها من الدنيا يا دعاء ومعنديش أغلى منها علشان ادلعه
يوووه بقى ما أنا كان نفسي اجبلك بيبي و اتحايلت عليك ألف مرة نروح للدكتور سوا نعرف المشكلة فين وانت اللي مش راضي
احنا اتكلمنا كتير في الموضوع واخدنا في قرار نهائي واظن ان ده كان واحد من شروطي قبل الجواز وانت وافقتي عليه ياريت بقى تقفلي السيرة دي ومتتكلميش فيها تاني
دبت الأرض بقدميها وزفرت بقوة وهي تنظر لظهره وهو يبتعد عنها فرغم أنها تملك سلطة عليه و تتمكن بسهولة من إقناعه بأي شيء إلا أن ذلك الأمر فشلت به فشل ذريع فكلما تطرقت لهذا الأمر يرفض رفض قاطع دون سبب مقنع بالنسبة لها و رغم عطائه السخي معها إلا أن هيأ لها شيطانها أن تطمع في المزيد لتهمس بعيون تلمع بوميض الخبث
ومش هخلي بنتك تكوش على كل ده لوحدها
أما عن صاحب القلب الثائر التي أنهكته تلك المتمردة فقد كان يسير بها إلى تلك الاريكة القريبة كي يضعها عليها بشكل مؤقت لحين استبدال ملابسها تحسبا لعدم بل الفراش وقبل أن يضعها قال بأهتمام
هنادي ماما تساعدك
نفت برأسها التي بوهن وبعيون مغلقة وهي تتشبث به أكثر دليل على رفضها مما جعله
أنا مش هعرف اتصرف
نفت هي مرة أخرى وكادت تجهش بالبكاء وتزوم بطريقة جعلته يشعر بالضيق من تيبس رأسها
هغير هدومي علشان اتبلت وارجعلك
وهو يرمق تلك التي تسقط في سبات عميق
بقت أحسن
أومأت ثريا وأخبرته بصوت خفيض كي لا تقلقها
السخونية نزلت شوية الحمد لله بس كان نفسي أأكلها حاجة تسند قلبها وهي يا حبة قلبي غرقانة في النوم ومش هاين عليا اقلق منامها واصحيها
إن شاء هتبقى احسن لما تصحى ويقول بنبرة رغم ثباتها إلا ان ثريا تيقنت ما يغوص بها من قلق يحاول أن يخفيه
تقدري تروحي ترتاحي يا ماما انا هقعد جنبها
كانت تعلم أن ابنها يجاهد ذاته من أجل تلك الغافية ولذلك لم تعترض بل وافقت قائلة
ماشي يا حبيبي ولو احتجت حاجة نادي عليا
ابتسم بسمة عابرة وأومأ لها لتتركه والدته و يجلس هو على المقعد بجانب فراشها ينظر لها أثناء نومها بنظرات عميقة وبتنهيدات حاړقة يستغرب تلك البراءة التي تشع من ملامحها الآن وتنافي أفعالها فمن يراها بتلك الهيئة الملائكية ينخدع بها مثله تماما
عطشانة
هب واقفا وملأ كوب من الدورق الذي يعتلي الكومود وناولها إياه
ولكنها حاولت ان تعتدل وفشلت جلس بجانبها ومد ذراعه خلف ظهرها يرفع جسدها قليلا كي يدعم جلستها بيد وباليد الآخرى قرب كوب الماء من فمها لترتشف هي منه وعيناها الواهنة معلقة عليه وإن أنتهت وضع الكوب على الكومود وسحب يده من خلف ظهرها كي يمددها من جديد ولكن كان لها رأي آخر
خليك جنبي
تجمدت نظراته من طلبها ورد بنبرة هادئة نسبيا خالية من أي لين وهو يظن أنها حيلة آخرى من حيلها الملتوية للتأثير عليه غافل كون أحتياجها صادق غير مصتنع
ارتاحي يا نادين أنت تعبانة ومش في وعيك
لم تستوعب حديثه وكانها بعالم آخر ولم تعي لشيء سوى فقد رفعت نظراتها المسبلة الواهنة التي بالكاد تفتح وأخذت تنظر له بطريقة جعلته يلعن تحت انفاسه المضطربة فهو يعلم أنها ستلقي بثباته عرض الحائط وخاصة أن ذلك الخائڼ بين أضلعه مازال يتأثر بها و يطعن به من أجلها فحقا كان الوضع مربك وخاصة عندما صدر منها تلك الهمهمات الخاڤتة التي تتوسله بها و وخزت قلبه فنعم يعشقها بل مهوس بها رغم بشاعة افعالها ولكن عزة نفسه وكبريائه كرجل أقوى من رغبته ومن ارادة ذلك اللعېن الذي
يود أن يتبرأ منه لذلك دفعها عنه برفق وقال بنبرة ثابتة جاهد كي يتقنها
مش عايز
كانت هي رغم وهنها وكونها ليست بكامل وعيها إلا أنها أصرت عليه وترجته بضعف من جديد وكأنها كغريق يتعلق ب طوق نجاة
خليك علشان خاطري
تعلقت بنيتاه الثائرة بعيناها وهو يقسم انه لن ينخدع مرة أخرى وحاول بكل ما اوتي من قوة ان لا يضعف ويظل يقاوم تأثيرها عليه ولكن تفاقم الأمر وزاده ارتباك حين همست بأسمه بتلك الطريقة التي تعبث بثباته بعدما مدت يدها
يامن خليك
تثاقلت أنفاسه وطلب منها بإضطراب وهو يحل يدها قبل أن يفقد سيطرته
نادين انت مش في وعيك
لم تستوعب حديثه وكأنها بعالم آخر بين الوعي ولا وعي فقد مالت أكثر
متسبنيش انا محتجاك
بتعملي فيا كده ليه حرام عليك
لم يصدر منها شيء مما جعله يتفهم ما أصابها
صباح يوم جديد داخل الحرم الجامعي
كانت تخطو بخطى واسعة نحو كافتيريا الجامعة كي تجلب أي شيء يساعدها على التركيز في بادئ ذلك اليوم العصيب المليء بالمحاضرات ولكن اوقفها صوته
أنسة نغم
توقفت ترمقه بنفور ظهر بين على ملامحها وهدرت بجدية شديدة
أفندم
تحمحم طارق بحرج من جديتها الزائدة وسألها
كنت هسألك على نادو أصل من فترة حصل مشكلة وكلنا قلقانين عليها
جعدت ما بين حاجبيها وهي تضم كتبها واستفسرت بقلق
مشكلة ايه
طب ممكن نقعد واحكيلك اللي حصل
أسفة مش بقعد مع حد اتكلم وخلصني
أخبرها طارق بما حدث ولكن بالطبع أخفى الجزء
الذي يخصه فمنذ ما حدث وهو يكاد يجن و يحاول التواصل مع نادين بشتى الطرق لكن بلا جدوى حتى انه توصل به الحال إن يمكث أمام منزلها لعله يلمحها فقط ولكن كافة محاولاته باءت بالفشل
وكونه يعلم أن جميع أفراد شلتهم لا أحد يكترث لها ولا يجرؤ للذهاب لمنزلها خوفا من ردة فعل ذلك الغبي ولذلك لم يكن أمامه غير الشيخة نغم كما يطلقون عليها
هتساعديني نطمن عليها
نظرت له شذرا من أعلاه لأخمص قدمه وقالت بجدية شديدة
أكيد أنتو اللي اقنعتوها تخرج معاكم وبسببكم حصل كل ده
نفى برأسه قائلا
لأ أنت فاهمة غلط
قاطعته هي بنبرة آمرة وهي ترفع سبابتها بتحذير
مش عايزة اسمع حاجة وابعدوا عنها نادين مش شبهكم وانت بالذات ملكش دعوة بيها نادين مكتوب كتبها وجوزها بيحبها وصدقني كل اللي بتعمله ده مفيش منه فايدة
هز رأسه يسايرها وهو يدعي البراءة
صدقيني مفيش حاجة بيني وبينها بس هي زميلتنا
ولازم نطمن عليها ارجوك بلاش تفهميني غلط
زفرت بنفاذ صبر وأخبرته قبل أن تغادر
كنت بتمنى اكون فهماك غلط بس للأسف نواياك ڤضحاك وباينة في عينك
نفخ أوداجه وزفر بنفاذ صبر مما جعلها تخبره بحدة وبذات النبرة الآمرة
ياريت تطلعها من دماغك و تدور على حد شبهك
لتغادر هي تاركته يجلس على اقرب مقعد ويخرج هاتفه وينقر على شاشته إلى أن توصل لشيء بعينه لتنمو بسمة آملة على محياه ويصر أكثر على ما برأسه فلن يبتعد مهما كلفه الأمر وحتى إن ضاقت به السبل فا هو يملك بين يديه دليل قاطع كونها تخصه هو
أنت كويسة
نظرت له ببهوت وهي مازالت ساهمة ليمد انامله يتحسس جبينها ويقول بارتياح حاول ان يخفيه عنها
مفيش حرارة
ليعتدل بنومته ويسألها بثبات وهو يتعمد أن لا يتطرق لم حدث بينهم كي لا يخجلها
حاسة انك احسن
ابتلعت غصة بحلقها وردت عليه بأخر شيء توقعه منها وهي تجلس نصف جلسة
هو أيه اللي حصل انا مش فاكرة حاجة
تعمدت أن تتصنع جهلها مما جعله
يجعد حاجبيه ينظر لها يظن انه يهيء له ما سمع ولكن لكونه يعلمها تمام المعرفة تفهم أسباب ادعائها
لم تنتظر حتى رده واستأنفت وهي مطرقة الرأس كي تغير سير الحديث بنبرة مازالت تحمل لمحة من ذلك التمرد اللعېن
أنا عارفة إن اسبابي عمرها ما هتقنعك بس عايزاك تعرف ان مكنش قصدي أأذي مامتك
يعلم أن لا فائدة منها فرأسها يابس ولن تتغير على أي حال ولكن شيء ما بداخله كان يخبره أن يوجد سبب خفي وراء أفعالها وترفض البوح به وحتى إن باحت فذلك لم يغير شيء فخطئها فادح بالنسبة له مهما كان أسبابه وبالطبع يصعب عليه أن يمرره بتلك السهولة فإن كانت تظن أن تقاربهم ليلة أمس سيؤثر عليه ويجعله يتغاضى فحتما هي مخطئة فقد تنهد بعمق وهو يشملها بطريقة مبهمة لم تستشف هي منها شيء إلا حين تفوه قائلا
وفري اسبابك لنفسك علشان مستحيل اصدقك تاني ولو كنت فاكرة إن بطريقتك دي هتخلينى نرجع زي الاول فأنت غلطانة
رفعت سودويتها المشتتة له وإن كادت تتفوه مدافعة عن ذاتها باغتها هو بصرامة وبنبرة ثابتة وهو يوليها ظهره ويجلس على طرف الفراش ويسند مرفقيه على ساقيه
قراراتي مش هرجع فيها
لتعترض هي بتمرد وبنبرة اندس بين طياتها لمحة من العتاب الخفي
بس أنت عاقبتني ومديت أيدك عليا لأول مرة واظن ده كفاية علشان تثبت سلطتك عليا
زفر حانقا وأخذ يفرك ذقنه ثم الټفت ينظر لها نظرة مبهمة أربكتها وجعلت عيناها تغيم وهي تبحث عن دفء عيناه
ولكن لم تجد شيء غير الجمود الذي جمد أطرافها حين قال وهو يهب واقفا دون أي لمحة تهاون واحدة
مش أنت اللي تقرري وأي حاجة صدرت مني نحيتك فكانت رد فعل منطقي لمصايبك أنا عمري ما كنت همجي معاك وطول عمري بحترمك وعمري ما فكرت اهينك بس انت اللي أضطرتيني لكده وخرجتني عن شعوري
ذلك أخر شيء تفوه به قبل أن يغادر تاركها تنظر لأثره بملامح بائسة حزينة بسبب تبريره للأمر حتى أنه لم يمهلها وقت كاف ليستمع لردها التي عجزت عنه فكان من المفترض أن تثور عليه لتوها لتعنيفه لها وتنقم عليه أكثر ولكن شيء ما بداخلها كان يود شيء أخر حقا لا تعلم ما أصابها فهي مشتتة ضائعة لا تعلم أين الصواب أتتمرد عليه من جديد وتنقم عليه وتظل تتمسك بهواجس عقلها أم تنصاع لأنين قلبها و تصرخ بكل صوتها وتطلب منه أن يغفر لها خطيئتها حقا هي في حالة صراع ترثى لها ولكن يا ترى متى ستتوقف تلك الحړب الطاحنة التي تفتك بها
أما عنه فقد اقنعها بصعوبة بالغة أن لابد من العودة وقطع عطلتهم لأسباب تخص العمل فقد تعذر