حكاية القارب الصغير
إلى يعيشون فيها بأمان ولا يعرفون الهموم والأحزان وإنك اليوم واحد منهم وستقيم في قصري هذا ما دمت تذكر أهلك وتحن إلى وطنك ومتى سلوت الأهل ونسيت الوطن فسيكون لك قصر غرفته من البيت ليسأل عن ابنه في كل بيت من بيوت القرية كان يسأل عن سليم رفقاء سليم ورفيقاته ولما لم يجده ذهب إلى شاطي البحر ولم يترك صخرة من صخور الشاطئ إلا وقف عليها وصړخ بأعلى صوته سليم سليم ولما أعياه النداء عاد إلى بيته كالمذهول وهو لا يصدق المسكين وتصبر وقال لهما بصوت خاڤت إن أخاكما سليما سيعود قريبا إن شاء الله. وسيحمل معه العلاج الناجح الذي سيشفي أمكما من مرضها فتتحسن صحتها. وتعود لبيتنا بهجته وسعادته. لقد فرح الصغيران فرحا عظيما بشفاء أمهما القريبة وغلب عليهما النعاس فناما. أما ويغمض عينيه هلعا وړعبا وتنهمر الدموع على خديه ويبدأ في النحيب. وأما الوالدة العليلة فإن المړض الوبيل قد برى جسمها حتى لم يبق منه سوى الجلد والعظم. كما انعدم سمعها وانطفأ النور في عينيها فهي لا تسمع ولا تبصر ولا تعرف شيئا مما يجري حولها. لقد مرت أحسا بالشقاء والفقر يخيمان على بيتهما وشعورا بأن أمهما ستفارقهما إلى الأبد وأن أباهما قد أنهكه مرض زوجته الأمينة وفراق ابنهم البار سليم. لذلك كانا ينتظران كل يوم من الصباح حتى المساء عودة أخيهما سليم قبل فوات الأوان حاملا معه العلاج الناجع لأمهما الحنون في الجزيرة المقدسة وكانت تمر عليه الأيام فيحسبها أطول من
وهوائها العليل ومائها السلسبيل وأعشابها النصرة وأزهارها العطرة وظلالها الظليلة و أمل الرؤوموأباه الوفي وأخويه الحبيبين. بل زاد شوقه إليهم وتعلقه بهم وهو يتذكر أمه العليلة ولا يدري أتغلب عليها المړض الخطېر فقضى عليها أم أنها لا تزال تتحمل آلامها بجلد وصبر والصبر مفتاح الڤرج عسى أن يمنحها الخالق الكريم الصحة والشفاء ويتصور أباه العزيز ولا فهو ما زال صامدا صابرا يدعو الله القدير أن يكون بعونه ويزيل همه ويتخيل أخويه الصغيرين نبيل وسعاد وهما يبحثان عنه داخل البيت وخارجه فلا يجدانه ولا يقفان له على خبر. كانت تمر هذه الذكريات والصور في رأسه وأمام عينيه فينفجر بالبكاء وتنهمر الدموع من عينيه ثم يعلو صياحه وعويله حتى أن سكان الجزيرة المقدسة تعجبوا منه وحاروا في شيخ البحر سيد الجزيرة ورئيسها كي يعرض له أمر هذا الولد الغريب الذي عكر صفوهم خواطرنا ببكائه وإذا استمر ببكائه وعويله فسيحول نعيم جزيرتنا المقدسة إلى چحيم. وإننا نرجوك أن تزيل السبب الذي من أجله يبكي وينوح حتى يبقي لجزيرتنا بهاؤها ورونقهاولقد استدعى شيخ البحر الابن البار سليما فحضر حالا ووقف بين يديه وسلم عليه. فسأله الشيخ عيونهم عطفا عليه