يقول صاحب الحكاية لم أكن تجاوزت الثلاثين
انت في الصفحة 2 من صفحتين
بالخروج
مررت بصالة المنزل استوقفني منظر سالم كان يبكي بحړقة !
إنها المرة الأولى التي أنتبه فيها إلى سالم يبكي مذ كان طفلا عشر سنوات مضت لم ألتفت إليه حاولت أن أتجاهله فلم أحتمل كنت أسمع صوته ينادي أمه وأنا في الغرفة
الټفت قلت سالم ! لماذا تبكي !
حين سمع صوتي توقف عن البكاء فلما
تبعته كان قد دخل غرفته
رفض أن يخبرني في البداية سبب بكائه
حاولت التلطف معه
مسحت دموعه بيدي
بدأ سالم يبين سبب بكائه وأنا أستمع إليه وأنتفض تدري ما السبب !!
تأخر عليه أخوه عمر الذي اعتاد أن يوصله إلى المسجد
ولأنها صلاة جمعة خاف ألا يجد مكانا في الصف الأول
لم أستطع أن أتحمل بقية كلامه
قال نعم
نسيت أصحابي ونسيت الوليمة وقلت
سالم لا تحزن هل تعلم من سيذهب بك اليوم إلى المسجد
قال أكيد عمر لكنه يتأخر دائما
قلت لا بل أنا سأذهب بك
دهش سالم لم يصدق ظن أني أسخر منه استعبر ثم بكى
أردت أن أوصله بالسيارة رفض قائلا المسجد قريب أريد أن أخطو إلى المسجد إي والله قال لي ذلك
لا أذكر متى كانت اخر مرة دخلت فيها المسجد
لكنها المرة الأولى التي أشعر فيها بالخۏف والندم على ما فرطته طوال السنوات
الماضية
كان المسجد مليئا بالمصلين إلا أني وجدت لسالم مكانا في الصف الأول
بعد انتهاء الصلاة طلب مني سالم مصحفا
استغربت !! كيف سيقرأ وهو أعمى
كدت أن أتجاهل طلبه لكني جاملته خوفا من چرح مشاعره ناولته المصحف
طلب مني أن أفتح المصحف على سورة الكهف
أخذت أقلب الصفحات تارة وأنظر في الفهرس تارة حتى وجدتها
يا
الله !! إنه يحفظ سورة
الكهف كاملة !!
خجلت من نفسي أمسكت مصحفا
أحسست برعشة في أوصالي قرأت وقرأت
دعوت الله أن يغفر لي ويهديني
لم أستطع الاحتمال فبدأت أبكي كالأطفال
كان بعض الناس لا يزال في المسجد يصلي السنة خجلت منهم فحاولت أن أكتم بكائي تحول البكاء إلى نشيج وشهيق
نظرت إليه قلت في نفسي لست أنت الأعمى بل أنا الأعمى حين انسقت وراء فساق يجرونني إلى الڼار
عدنا إلى المنزل كانت زوجتي قلقة كثيرا على سالم
لكن قلقها تحول إلى دموع حين علمت أني صليت الجمعة مع سالم
من ذلك اليوم لم تفتني صلاة جماعة في المسجد
هجرت رفقاء السوء وأصبحت لي رفقة خيرة عرفتها في المسجد
ذقت طعم الإيمان معهم
عرفت منهم أشياء ألهتني عنها الدنيا
لم أفوت حتى صلاة الوتر
ختمت القران عدة مرات في شهر
رطبت لساني بالذكر لعل الله يغفر لي غيبتي وسخريتي من الناس
أحسست أني أكثر قربا من أسرتي
اختفت نظرات الخۏف والشفقة التي كانت تطل من عيون زوجتي
الابتسامة ما عادت تفارق وجه ابني سالم
من يراه يظنه ملك الدنيا وما فيها
حمدت الله كثيرا على نعمه