حكاية مع وقف التتفيذ لكاتبتها دعاء عبد الرحمن
بيلفوا طرحتهم كده
كانت والدته تنظر إليها فى صمت وشرود وهى تتحدث وتمط شفتيها وتتمتم فى ضيق وتحرك يديها فى سرعة لتثبت دبابيس الحجاب جيدا حتى انتهت والتفتت إليها قائلة
ها كده كويس
أومأت لها والدته وقالت
كويس.. يالا بقى علشان متتأخريش على مدرستك أكتر من كده
ألقى فارس نظرة سريعة على حجابها واستدار ليخرج متوجها لعمله وهو يقول
حملت مهرة حقيبتها وخرجت تعدو لتلحق بموعد الأختبار وأغلقت الباب خلفها ظلت أم فارس تنظر إلى الباب المغلق واجمة وبداخلها مشاعر كثيرة ودت لو كانت مخطأة فيها .
أستيقظت مهرة فزعة من نومها تصرخ باسم فارس وتناديه جلست على فراشها تلتقط أنفاسها بصعوبة كانت تبكى وهى نائمة على أثر حلم مفزع ولكنها فوجأت بالدموع ټغرق وجهها وكأنها كانت تبكى فى الحقيقة لا فى الحلم مسحت دموعها التى شقت طريقها فى ثبات على وجنتيها وأخذت تتمتم بالأستعاذة لتهدى من روعها قليلا وهى تدور بعينيها فى غرفتها لتتأكد أنها وحيدة فيها ولم يسمعها أحد نهضت متثاقلة من فراشها وهى تحيط جسدها بذراعيها لتبث الأمان فى نفسها فتحت نافذة غرفتها ليتسلل ضوء القمر إليها ويغمر وجهها مداعبا لوجنتيها أطلت برأسها للأسفل لعلها ترى خياله فى نافذته أو شرفته التى كانت غارقة فى الظلام أغلقت نافذتها واتجهت إلى فراشها مرة أخرى ولكنها سمعت صوته يتردد فى عقلها وهو يقول
توجهت مباشرة إلى الحمام توضات وصلت ركعتين أدخلا الطمأنينة فى نفسها ثم عادت لفراشها وقد داعب النوم جفونها فتثاقلت واستسلمت لنوم عميق
جلس فارس بجوار والدته حول مائدة الغذاء وبدأ فى تناول الطعام وهو يقول
هزت والدته رأسها نفيا وابتلعت طعامها ثم قالت
عندها درس بعد الامتحان على طول ..بتسأل ليه
ترك الملعقة من يده ونظر إلى والدته متسائلا
درس أيه ده وفين
نظرت إليه والدته بتفكير ثم قالت
مش عارفة درس أيه بالظبط اللى اعرفه أنها عندها درس ..بطلت أكل ليه
تناول ملعقته مرة اخرى وقال بضيق
لازم تروح تتنطط عند الناس بره والله أعلم بيوتهم عاملة ازاى وشكلها أيه.. وعندهم رجالة ولا لاء.
صمت قليلا ثم أردف قائلا
لما ترجع ابقى نادى عليها علشان عايزها.. لما نشوف أيه حكاية الدروس دى
شردت والدته قليلا وهى تقلب طعامها فى طبقها عدة مرات حتى لاحظ هو ونظر إليها وتسائل باهتمام
وضعت أمه معلقتها وشبكت أصابعها أمامها وهى تستند بمرفقيها على المائدة ونظر إليه بعمق وقالت
تسمح ملكش دعوة بالحكاية دى .. مهرة كبرت يا فارس ومينفعش تفضل تتعامل معاها كده وبعدين اخوها يحيى كبر وبقى راجل وهو اللى يقولها رايحة فين وجاية منين والكلام اللى انت عاوز تعمله ده
قالت جملتها الأخيرة وهو ينظر إليها بدهشة لا يكاد يصدق ما يسمع فقال باستغراب
مدت يدها وربتت على يده وقالت بشفقة
أنا عارفة انك انت اللى مربيها وبتعتبر نفسك مسئول عنها.. لكن يابنى دلوقتى الوضع اختلف مهرة كبرت خلاص
ترك ملعقته ونهض
وهو يقول بانفعال شديد
معنى انها كبرت انى خلاص أشيل أيدى من المسئولية.. وانا عارف أن اخوها مكبر دماغه وبره البيت طول اليوم وابوها مسافر وسايبهم .
أعتدلت والدته وهى تقول
طب يابنى تعالى كمل أكلك مالك زعلت كده ليه
أتجه إلى غرفته وهو يقول باقتضاب
معلش يا ماما شبعت.. عن أذنك هدخل اريح شوية
هزت والدته رأسها فى عدم رضا وهى
تقول بأسف
ربنا يهدى الحال
دخل فارس غرفته متبرما ألقى جسده على الفراش كما لو كان يدفع حملا ثقيلا عن كتفيه قد أثقله كيف يتركها وهى هى التى ولدت ووضعت بين ذراعيه مباشرة قبل أن تلامسها يدي والدتها وقبل أن يراها أخيها وقبل أن يعلم أبيها بأنها قد جاءت إلى الحياة هى التى كبرت بين يديه واحتوتها غرفته لسنوات طفولتها ومشاغباتها وألعابها وسعادتها ومرحها بل وبكائها وتبرمها وضجرها وزرع فيها القيم والأخلاق التى أحبها وعاداته المفضلة فأصبحت تتوقع تتصرفاته قبل أن يفعلها وعلم عنها كل شىء بل وأكتشفها كما اكتشفته فاصبحت كتابا مفتوحا أمامه خالى من الألغاز لاتوجد به علامة استفهام واحدة ترددت كلمات أمه فى عقله مقتحمة ذكرياته مبعثرة أفكاره وهى تخبره أن أخيها أولى بها لأنها قد كبرت.. وضع الوسادة على وجهه يريد أسكات هذه الكلمات التى غزت عقله وقال بعناد وبصوت مسموع ..لا لم تكبر !
نقر عمرو بخفة نقرات بسيطة باب مكتب صلاح ثم فتحه وأطل برأسه داخله وهو يقول
صباح الخيرات
ضحك صلاح